تأميم الشركات في مصر

تأميم الشركات في مصر

تأميم الشركات في مصر

شهدت مصر عبر تاريخها العديد من التحولات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى، التي ساهمت في صياغة مسارها الاقتصادي وتعزيز استقلالها الوطني. ومن بين أبرز هذه التحولات كان تأميم الشركات، الذي يعتبر محطة محورية في التاريخ الاقتصادي والسياسي للبلاد. بدأ هذا المفهوم يظهر بقوة في منتصف القرن العشرين، عندما سعت الدولة إلى تعزيز سيطرتها على الموارد الاقتصادية الرئيسية بهدف تحقيق العدالة الاجتماعية، تقليل الفجوة بين الطبقات، وتعزيز سيادة مصر الاقتصادية على مقدراتها.

تأميم الشركات في مصر

كان تأميم الشركات خطوة جذرية ومثيرة للجدل، أثرت على العديد من القطاعات الحيوية في البلاد مثل الصناعة، الزراعة، والتجارة. فقد تم نقل ملكية العديد من الشركات من القطاع الخاص إلى الدولة، مما أتاح للحكومة التحكم في عملية الإنتاج والتوزيع، وضمان استفادة الشعب من ثروات بلاده. ولم يكن هذا الإجراء مجرد تحول اقتصادي، بل كان أيضًا رسالة سياسية قوية تعكس إرادة التحرر من السيطرة الأجنبية واستقلال القرار الاقتصادي.

على الرغم من الأهداف النبيلة التي سعت إليها عمليات تأميم الشركات، إلا أن آثارها كانت موضوع نقاش واسع بين المؤيدين والمعارضين. فبينما يرى البعض أنها ساهمت في تحقيق التنمية الشاملة وزيادة الاستثمارات الحكومية في البنية التحتية والخدمات الاجتماعية، يرى آخرون أنها أثرت سلبًا على كفاءة الإنتاج وأدت إلى تراجع الأداء الاقتصادي في بعض القطاعات. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن تأميم الشركات شكّل جزءًا لا يتجزأ من سياسات التحول الاجتماعي في مصر.

في هذه المقالة، سنستعرض تاريخ وتأثيرات تأميم الشركات في مصر، ونحلل العوامل التي دفعت إلى اتخاذ هذه القرارات الجريئة. كما سنتناول دور تأميم الشركات في بناء الاقتصاد الوطني، وكيف ساهم في تعزيز استقلالية البلاد وتحريرها من الهيمنة الاقتصادية الأجنبية. وسنلقي الضوء على التحديات والفرص التي نتجت عن هذه السياسة، وتأثيرها على العلاقات الدولية لمصر.

إن فهم سياسة تأميم الشركات يتطلب إلقاء نظرة متأنية على السياق التاريخي والاجتماعي الذي نُفذت فيه. ففي ظل الأوضاع التي عاشتها مصر خلال القرن الماضي، كان من الضروري اتخاذ قرارات جذرية لإعادة توزيع الثروات وبناء اقتصاد وطني قوي ومستدام. ولا يزال النقاش حول تأميم الشركات مستمرًا حتى اليوم، حيث يبرز كأحد المحاور الرئيسية لفهم مسيرة التطور الاقتصادي في مصر.

ما هو تأميم الشركات؟

يقصد بـ تأميم الشركات نقل منشأة اقتصادية من الملكية الخاصة إلى ملكية الأمة، التي تعهد بها إلى الدولة لاستثمارها فيما يحقق الصالح العام نظير تعويض عادل يدفع لأصحابها وذلك لضرورات سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. وقد يكون تأميم المشروع كليا أو جزئياً. والتأميم كما هو معلوم حق خالص للدولة تقوم بإجرائه السلطة التشريعية المختصة وحكم بأن التأميم عمل من أعمال السيادة تختص بإجرائه السلطة التشريعية وحدها.

ويتخذ تأميم الشركات إحدى صورتين الأولى: نقل المشروع بالكامل إلى الملكية العامة مع انتهاء الشخصية المعنوية عندما يكون في شكل شركة وليس مشروعاً فردياً، ويذوب في الشكل الجديد سواء كان هذا الأخير شركة عامة أو مؤسسة أو هيئة. وفى حالة نشأة شخصية جديدة للتأميم في هذه الصورة

فإنه وإن كان من المنطقي عدم مسئولية هذا الشخص عن ديون الشخصية المعنوية بالتأميم إلا أن التشريعات غالباً ما تشير إلى مسئولية المشروع الجديد عن ديون الشركة المؤممة السابقة على التأميم ولكن في حدود ما آل إلى الدولة وذلك حرصاً على مصالح الدائنين.

أما الصورة الأخرى فهي نقل ملكية أسهم الشركة المؤممة مع استمرار المشروع بشكله السابق على تأميم الشركات وذلك سواء كان تأميم الشركات كليا أو جزئيا. وفي هذا الخصوص نرى مع الاتجاه القضائي المصري أن تأميم الشركات وإن كان سببا في انقضاء الشركة بوصفها مملوكة ملكية خاصة، إلا أنه لا

يؤدى في الواقع إلى انقضاء حقيقي لشخصية الشركة المؤممة نظراً لأنها تستمر بشكلها القانوني ومن ثم بأصولها وديونها والتزاماتها قبل الغير ولكن في صورة شخصية معنوية مملوكة ملكية عامة ما لم يقرر القانون ما يخالف ذلك.

وقضت محكمة النقض بأن تحول الشركة المؤممة إلى شركة مساهمة مع إشراف المؤسسة عليها لا يفقدها شخصيتها الاعتبارية ولا يجعل المؤسسة مسئولة عن التزامات الشركة وفي حكم آخر قضت ذات المحكمة بأن مؤدى القانون ۱۱۷ لسنة ١٩٦١ بتأميم بعض الشركات والمنشآت ومذكرته الايضاحية – وعلى

ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن الشارع لم يشأ انقضاء المشروع المؤمم بمقتضى هذا القانون بل رأى – مع الاحتفاظ له بشخصيته وبذمته المستقلين عن شخصية الدولة وذمتها ومع استمراره في

ممارسة نشاطه – إخضاعه للجهة الإدارية التي يرى إلحاقه بها وهذا الإشراف لا يعنى زوال شخصية المشروع المؤمم بل تظل له شخصيته المعنوية التي كانت له قبل التأميم وذمته المالية المستقلة بما

عساه يكون عالقاً بها من التزامات فيسأل المشروع مسئولية كاملة عن جميع التزاماته السابقة على تأميم الشركات كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيته المعنوية، ولا تغير من ذلك أيلولة أسهم المشروع المؤمم أو حصص رأسماله في الشركات ذات المسئولية المحدودة إلى الدولة مع تحديد مسئوليتها عن

التزاماته السابقة في حدود ما آل إليها من أمواله وحقوقه فى تاريخ تأميم الشركات ذلك بأن مسئولية الدولة – وقد أصبحت المالك الوحيد لجميع الأسهم أو الحصص – لا تعدو أن تكون تطبيقا للقواعد العامة فى مسئولية المساهم أو مقدم الحصة الذي لا يسأل أثناء قيام الشركة عن التزاماتها ولما تتحدد مسئوليته عند التصفية بما يملكه من أسهمها أو ما قدمه من حصص رأسمالها.

كما جاء بفتوى الجمعية العمومية للقسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة أن انتقال ملكية الشركة لا ينهيها ولا يوقف أعمالها لأن تصفية الشركة ليس نتيجة ضمنية ولا مباشرة للتأميم.

وحكم بأن المشروع يسأل مسئولية كاملة عن جميع التزاماته السابقة على التأميم كنتيجة حتمية لاستمرار شخصيته المعنوية، إذا كان ذلك وكانت قوانين تأميم الشركات قد جاءت خلوا من أي تنظيم لهذه الالتزامات تبقى على اصلها خاضعة لأحكام القانون المدني، وبالتالي فان القانونین رقمي ۱۱۷، ۱۱۸ لسنة ١٩٦١ ليس من شأنهما التأثير على عقود الإيجار المبرمة قبل التأميم والتي تكون قائمة عند حصوله طالما كانت جدية وصحيحة.

كما حكم بأن استنزال قيمة الضرائب المستحقة على المنشأة المؤسسة قبل التأميم من أصولها واضافتها إلى خصومها لحساب مصلحة الضرائب بناء على طلبها مؤداه إبراء ذمة أصحاب هذه المنشأة من دين الضريبة بما يتفق وطبيعة عملية تقييم المشروعات المؤممة.

كذلك قضى بأن تأميم المنشأة الفردية تأميماً كليا وإدماجها في إحدى شركات القطاع العام يترتب عليه مسئولية الشركة عن الوفاء بالتزامات هذا المشروع السابق في حدود ما آل إليه من أمواله وحقوقه في

تاريخ التأميم وعدم مسئولية أصحابه وزوجاتهم وأولادهم إلا بالنسبة لما زاد عن ذلك (قانون ٧٢ لسنة ١٩٦٣) وقررت المحكمة أن العبرة في هذه الحالة بالقيمة الحقيقية والنهائية لأصول المشروع وخصومه،

وأن تقدير بعض عناصر المشروع المؤمم على نحو مؤقت مؤداه امتناع الحكم على أصحاب المشروع المؤمم بأحد التزاماته دون الوقوف على القيمة الحقيقية والنهائية لعناصر المشروع جميعها والتحقق من أن أصول المشروع أو ما بقى منها لا تسمح بالوفاء بهذا الالتزام أو بجزء منه.

لمعرفة كل مايخص تأميم الشركات لا تتردد في التواصل مع مكتب الاستاذ / سعد فتحي سعد المحامى مؤسس منصة المحامي الرقمية علي الرقم التالي :
📞 01211171704

عنوان المكتب : 183 شارع التحرير عمارة ستراند باب اللوق وسط البلد / القاهرة / مصر

افضل محامي

ما هو حق الدائنين في مطالبة الشركة المؤممة بسداد ديونهم السابقة على التأميم؟

ان عدم مسئولية الدولة عن التزامات الشركة المؤممة التي تزيد على أصولها لا يمنع الدائنين من مقاضاة الشركة ومطالبتها بالديون السابقة على التأميم. ذلك أن مقتضى حكم القانون رقم ۱۱۷ لسنة ١٩٦١ أن تظل الشركات والبنوك المؤممة محتفظة بشكلها القانوني، وتستمر في مزاولة نشاطها دون أن تسأل الدولة عن التزاماتها السابقة إلا في حدود ما آل إليها.

وأيدت محكمة النقض في هذا الخصوص، الحكم المطعون فيه الذي قضى بأنه وإن كانت الدولة لا تسأل عن الالتزامات الزائدة عن أصول الشركة المؤممة فان ذلك لا يمنع من مقاضاة الشركة ومطالبتها بالديون السابقة على التأميم باعتبار أن شخصيتها الاعتبارية وأهليتها للتقاضي مازالت قائمة بالنص على

ذلك فى المادة الرابعة من القانون رقم ۱۱۷ لسنة ١٩٦١، وان مال الحكم في النهاية يكون عند التنفيذ مما يتعين معه رفض دفع الشركة المطعون عليها بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بعد التأميم وانشاء شركة أخرى اندمجت في النهاية.

هذا ويجوز للشركة بعد التأميم مطالبة مديني الشركة بالوفاء بديونهم المتعلقة بالشركة حيث تعتبر جزءاً من الذمة المالية للشركة ولا تكون حقاً خالصاً لأصحاب المشروع المؤمم. ذلك أن الدولة تحل محل المشروع المؤمم في حقوقه والتزاماته وإن كانت هذه الأخيرة في حدود رأسمال المشروع المؤمم بنص القانون.

وغنى عن البيان أن مسئولية الدولة عن التزامات المشروع المؤمم في حدود ما آل إليها من أمواله وفقاً للتفصيل السابق لا تمتد إلى التزامات أصحاب المشروع المؤمم أما الحقوق الخاصة لأصحاب المشروع المؤمم لا تدخل في الذمة المالية لهذا المشروع ويجوز لهؤلاء مطالبة مدينيهم مباشرة بالوفاء بما عليهم من ديون دون أن تكون جزءاً من الذمة المالية للشركة.

هل يقتصر تأميم الشركات على رد رأسمال الشركة دون المساس بالأرباح السابقة على التأميم؟

جدير بالذكر ان تأميم الشركات يرد فقط على رأسمال الشركة دون الأرباح التي حققتها قبل التأميم ، فيحق للمساهم المطالبة قضائياً بنصيبه في الأرباح التي حققتها شركة المساهمة خلال فترة تأميم الشركات النصفى رغم عدم صدور قرار من الجمعية العمومية للمساهمين بالمصادقة على توزيع هذه الأرباح قبل

تأميم الشركات كلياً، ويكون القضاء مختصاً بتحديد هذه الأرباح وفقاً لما يثبت له كما حكم بأحقية أصحاب المنشأة المؤممة في الجمع بين الأرباح المستحقة لهم خلال فترة التأميم النصفى وبين تعويضهم عن رأسمال المنشأة المؤممة بسندات على الدولة .

أما الأرباح التي يحتجزها المشروع عادة كاحتياطي قانوني أو نظامي المشروعات مستقبلة وتوسعات للمشروع الأساسي فإنها تخضع لـ تأميم الشركات وذلك على أساس أن الطبيعة القانونية لهذا الاحتياطي بنوعيه القانوني والنظامي يعد بعد اعتماد الميزانية من قبيل رأس المال الإضافي ومملوكاً للمساهمين بهذا الوصف وليس بوصفه أرباحاً قابلة للتوزيع.

ويترتب على صدور حكم نهائى بحل الشركة، انقضائها نهائياً اعتباراً من تاريخ الحكم وذلك في مواجهة الشركاء أو الغير كما يحق الرجوع بالتعويض على الشريك المتسبب في انقضاء الشركة من باقي الشركاء وذلك في أمواله الخاصة دون أموال الشركة ويعين غالبا مدير مؤقت لإدارة الشركة خلال فترة عرض الأمر على القضاء.

كيف يتم تقدير رأس مال المنشأة المؤممة عند تأميم الشركات ؟

كيف يتم تقدير رأس مال المنشأة المؤممة عند تأميم الشركات ؟

إن تقدير رأس مال المنشأة الذي يعتد به هو وقت تأميمها، ففي هذا الوقت تقدر قيمة أصول وديون المنشأة. وحكم بعدم جواز خروج لجان التقييم عن التزاماتها بعناصر المنشأة أصولاً وخصوماً وقت التأميم، فإذا لم تلتزم لجان التقييم ذلك أهدر أثر قراراتها وكذلك حجيته واصبح من الجائز الطعن فيه كما لا

حجية لقرارات لجان التقييم في المنازعات التي تثور بين المنشأة المؤممة والغير وخضوعها لاختصاص القضاء العادي كما حكم بأن تحديد لجنة التقييم لعنصر من عناصر المنشأة المؤممة على نحو مؤقت مؤداه أن تحديده بصفة نهائية يرد إلى وقت التأميم وبذلك يستحق أصحاب المشروع المؤمم الفرق بين

مقدار ما خصصته لجنة التقييم لحساب مصلحة الضرائب عن نشاط المشروع قبل تأميمه وبين مقدار ما استحقه فعلاً من هذه الضرائب من خصوم هذا المشروع المؤمم .

كذلك حكم بأن إغفال لجنة التقييم لأحد العناصر المكونة لرأسمال المنشأة المؤممة أثره عدم اكتساب قرارها لأية حصانة .

كما حكم بأن تأميم المنشأة لا اثر له على عقد البيع المسجل الذي صدر منها قبل التأميم.

هذا ويلاحظ ان تحديد التعويض المستحق لكل من أصحاب الشركات والمنشآت المؤممة بما لا يجاوز مبلغا معينا بمقتضى قانون ١٣٤ لسنة ١٩٦٤ قبل القضاء بعدم دستوريته إنما ينصرف إلى صافي رأس المال دون الأرباح.

ما مدى مسئولية زوجات وأولاد أصحاب الشركات المؤممة عن ديونها أو خسائرها؟

سبق أن أشرنا إلى أن تأميم الشركات لا يترتب عليه انقضاء الشخصية المعنوية للشركة المؤممة، وأن الدولة تعد مسئولة بعد التأميم عن ديون والتزامات المنشآت والشركات المؤممة، وأن مسئولية الدولة

محدودة بما آل إليها من أموال وحقوق الشركات المؤممة في تاريخ التأميم على أنه طبقا للمادتين الثالثة والرابعة من القرار بقانون٧٢/١٩٦٣ بتأميم بعض الشركات والمنشآت، فان أموال أصحاب تلك المنشآت وزوجاتهم وأولادهم تكون ضمانا لالتزاماتها بالنسبة لما زاد على هذه الأموال وتلك الحقوق.

وقضت محكمة النقض في هذا الخصوص بأن مسئولية أصحاب الشركة المؤممة السابقين عن ديونها فيما زاد على أصولها التي آلت إلى الدولة لا تقوم إلا عند تصفيتها لتغطية ما يزيد عن مسئولية الدولة، ولما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الشركة المؤممة ظلت مستمرة في مزاولة نشاطها

بعد التأميم ولم تتم تصفيتها فإنها تظل مسئولة وحدها مسئولية كاملة عن كافة ديونها السابقة عن التأميم ولا يغير من ذلك إدماجها بعد تأميمها في شركة كما حكم بأنه لا يجوز للدائن المرتهن التنفيذ على أموال أصحاب المشروع المؤمم السابقين إلا عند عدم كفاية الحق المترتب على التأميم للوفاء بحقه

وحكم أيضاً بأن مسئولية أصحاب المنشآت والشركات المؤممة وزوجاتهم وأولادهم عن التزاماتها لا تقوم إذا انتهى تقييم المنشأة أو الشركة المؤممة إلى زيادة أصولها عن خصومها بما فيها الديون المضمونة برهن على أموال أصحابها وزوجاتهم وأولادهم أو بكفالة منهم كذلك تنقضي عقود الرهن والكفالة.

على أنه لما كانت أموال زوجات وأولاد أصحاب الشركات المؤسسة لا علاقة لها بأموال الشركات المؤممة حتى تكون ضامنة لديون هذه الشركات أو خسائرها، طبقا للمادتين الثالثة والرابعة من قانون ٧٢/١٩٦٣، فقد طعن على هاتين المادتين بعدم الدستورية.

وقضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم ٧٢ لسنة ١٩٦٣ بتأميم بعض الشركات والمنشآت، والتي تنص على أن تكون أموال زوجات وأولاد أصحاب الشركات والمنشآت الخاضعة للتأميم، ضامنة للوفاء بالالتزامات الزائدة على أصول هذه الشركات، أو

الديون المستحقة عليها. وقررت المحكمة أيضا عدم دستورية الفقرة الخامسة من المادة الثالثة من القرار بقانون رقم ١١٥ لسنة ١٩٦١ بتقرير مساهمة الحكومة في بعض الشركات والمنشآت، والتي تحمل ذات النص الأول.

وجاء بحيثيات الحكم الذي أصدرته المحكمة الدستورية العليا، أن خلق الضمان الاستثنائي الذي جعل به المشرع أموال زوجات وأولاد أصحاب الشركات المؤممة، وفاء لديون لا شأن لهم بها، ودون أن يكون ثمة وجه لمسئوليتهم عنها، مؤداه الحتمي تجريد زوجات وأولاد أصحاب الشركات الخاضعة للتأميم من ملكيتهم لهذه الأموال، ونزعها جبرا عنهم عند التنفيذ عليها اقتضاء لتلك الديون بما قد يصل إلى حد

حرمانهم من الأموال جميعا عند استغراق الديون لقيمة الأموال. ومن ثم فان النصين التشريعيين المطعون عليهما يشكلان اعتداء على الملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة ٣٤ من الدستور التي تنص على أن الملكية الخاصة مصونة.

وكانت محكمة جنوب القاهرة قد ألزمت السيدة / ….. ابنة صاحب الشركة …. الخاضعة للتأميم بدفع مبلغ ٧٣ ألف جنيه لسداد ديون مستحقة على شركة والدها رغم تأميمها، كما تم توقيع الحجز على ٣٠ فدانا ملك السيد / ….. ابن صاحب شركة ….. المؤممة، فأقام المتضررون دعوى استئناف مطالبين بإلغاء الحكم الصادر من محكمة أول درجة ورأت محكمة الاستئناف عدم دستورية النصين الذين استندت عليهما

محكمة أول درجة وأحالت الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا التي أقرت بعدم دستورية النصين.

وقالت المحكمة الدستورية : انه تبين من أحكام القرار بقانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٦١ الخاص بالتأميم، أن المشرع لم يشأ أن يتخذ تأميم الشركات جزئياً أو كلياً ، نقل ملكيتها مباشرة إلى الدولة بقصد تصفيتها بحيث تنقضي شخصيتها الاعتبارية التي كانت قبل التأميم وانما رأى أن يكون التأميم عن طريق نقل ملكية

الأسهم إلى الدولة مع الإبقاء على شخصية الشركة الاعتبارية قبل التأميم بحيث تظل هذه الشركة محتفظة بنظامها القانوني وذمتها المالية مستقلين عن شخصية الدولة، وتستمر في نشاطها وتبقى مسئولة عن جميع التزاماتها قبل التأميم، وقرر المشرع مسئولية الدولة عن ديون الشركة في حدود ما آل إليها.

وعلقت المحكمة الدستورية بحق على هذا النص بأنه يمس الملكية الخاصة للأفراد التي حرصت عليها الدساتير جميعا باعتبارها من ثمار النشاط الفردي.