ماهي المقاصة في القانون المصري

ماهي المقاصة في القانون المصري

Table of Contents

ماهي المقاصة في القانون المصري

تعد المقاصة من الوسائل القانونية الفعالة لإنهاء الالتزامات المتقابلة بين الأطراف دون الحاجة إلى دفع مباشر أو إجراءات تنفيذية مطولة.

ماهي المقاصة في القانون المصري

وقد نظمها القانون المصري باعتبارها وسيلة قانونية تؤدي إلى انقضاء الدين كليًا أو جزئيًا عند توافر شروط معينة، مما يسهم في تحقيق العدالة والحد من النزاعات المالية. وتتميز المقاصة بكونها أداة تسوية قائمة على التوازن بين الدائن والمدين، حيث تمنح كل طرف وسيلة لحماية حقوقه دون الحاجة إلى تدخل قضائي مباشر، مما يوفر الوقت والجهد ويحد من التعثر المالي.

ويعتمد القانون المصري على قواعد واضحة تحكم المقاصة، سواء كانت قانونية أو اتفاقية أو قضائية، ويشترط لتطبيقها توافر عناصر محددة، مثل أن يكون هناك دينان متقابلان، مستحقا الأداء، ومتماثلين في النوع والجنس، وهو ما يجعل المقاصة أداة فعالة لضمان استقرار المعاملات التجارية والمالية.

وتأتي أهمية المقاصة من دورها الكبير في تسهيل العلاقات المالية، خاصة بين التجار والمؤسسات المالية، حيث تمكنهم من تسوية حساباتهم بشكل تلقائي دون الحاجة إلى سداد نقدي مباشر. كما أنها تقلل من مخاطر التعثر المالي وتحد من اللجوء إلى التقاضي المطول والمكلف، مما يعكس دورها الحيوي في الاقتصاد المصري.

ويتناول القانون المصري المقاصة من عدة زوايا، حيث يحدد أنواعها المختلفة، مثل المقاصة القانونية التي تنشأ بقوة القانون دون حاجة إلى اتفاق، والمقاصة الاتفاقية التي تتم بناءً على اتفاق الأطراف، والمقاصة القضائية التي تقرر بحكم محكمة عند وجود نزاع. ولكل نوع من هذه الأنواع تطبيقاته وشروطه وآثاره، مما يجعل دراسة المقاصة أمرًا ضروريًا لفهم أبعادها القانونية والعملية.

وفي هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل مفهوم المقاصه في القانون المصري، شروطها الأساسية، أنواعها المختلفة، وآثارها القانونية، مع توضيح دورها في إنهاء الالتزامات المالية وحماية حقوق الأطراف المتعاملين.

تعريف المقاصة

المقاصة هي وسيلة قانونية لانقضاء الالتزامات المتبادلة بين طرفين عندما يكون كل منهما دائنًا ومدينًا للآخر بمبالغ متقابلة، بحيث يتم إسقاط الدينين كليًا أو جزئيًا بقدر الأقل منهما دون الحاجة إلى تنفيذ فعلي للسداد.

وقد نظم القانون المصري المقاصة باعتبارها طريقة فعالة لتسوية الديون بطريقة مباشرة، حيث يتحقق التوازن بين الحقوق والالتزامات دون تدخل نقدي أو إجراءات تنفيذية معقدة. وتنقسم المقاصه إلى عدة أنواع، منها القانونية التي تتم تلقائيًا وفقًا للقانون، والاتفاقية التي تستند إلى اتفاق الأطراف، والقضائية التي يقررها القاضي عند وجود نزاع بين الطرفين.

انواع المقاصة

انواع المقاصة

تنقسم المقاصه في القانون المصري إلى عدة أنواع، وذلك بناءً على الأساس الذي تستند إليه، وطريقة تحققها، والجهة التي تفرضها. ويمكن تصنيف المقاصة إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي: المقاصة القانونية، والمقاصة الاتفاقية، والمقاصة القضائية، ولكل نوع منها شروطه وأحكامه وآثاره. وفيما يلي تفصيل لكل نوع من هذه الأنواع:

أولًا: المقاصه القانونية

المقاصة القانونية هي التي تتحقق تلقائيًا بمجرد توافر شروطها وفقًا لأحكام القانون، دون الحاجة إلى اتفاق مسبق بين الطرفين أو تدخل من القضاء. ويشترط القانون المصري لتطبيق المقاصة القانونية أن يكون هناك دينان متقابلان، وأن يكون كل منهما مستحق الأداء، وأن يكونا من نفس النوع والجنس، بحيث يمكن إسقاط أحدهما في مواجهة الآخر.

شروط المقاصه القانونية:

  1. وجود دينين متقابلين: يشترط أن يكون كل طرف دائنًا ومدينًا في نفس الوقت، بحيث يكون الدينان متبادلين بينهما.
  2. تجانس الدينين: أي أن يكونا من نفس النوع، مثل أن يكون كلاهما مبلغًا نقديًا، فلا يمكن إجراء المقاصه بين مبلغ مالي وكمية من القمح أو أي سلعة أخرى.
  3. استحقاق الأداء: لا يجوز أن تتم المقاصة إذا كان أحد الدينين غير مستحق الأداء بعد، كأن يكون مؤجلًا أو معلقًا على شرط لم يتحقق بعد.
  4. عدم وجود مانع قانوني: مثل أن يكون أحد الدينين غير قابل للحجز، كنفقة الزوجة، حيث يمنع القانون إجراء المقاصه فيها لحماية حقوق المستفيد.

آثار المقاصه القانونية:

  1. تنقضي الديون المتقابلة تلقائيًا بمجرد تحقق شروط المقاصه.
  2. لا يحتاج أي من الطرفين إلى القيام بأي إجراء قانوني إضافي لإعمال المقاصه، بل تنشأ بقوة القانون.
  3. إذا كان أحد الدينين أكبر من الآخر، فإن المقاصة تسري بقدر الأقل منهما، ويظل الفرق مستحقًا للدائن الأكبر.

ثانيًا: المقاصه الاتفاقية

المقاصه الاتفاقية هي التي تتم بناءً على اتفاق الأطراف المتعاقدة، حيث يتفق الطرفان على إعمال المقاصه بين ديونهما حتى لو لم تتوافر جميع الشروط المطلوبة للمقاصة القانونية.

شروط المقاصه الاتفاقية:

  1. وجود اتفاق صريح بين الطرفين: يمكن أن يكون الاتفاق مكتوبًا أو ضمن عقد بينهما، أو حتى بشكل منفصل طالما تم التوافق عليه.
  2. حرية الأطراف في تحديد شروطها: حيث يمكن للأطراف الاتفاق على إجراء المقاصه حتى لو لم يكن الدينان متجانسين، أو حتى لو لم يكونا مستحقين في نفس الوقت.
  3. عدم مخالفة النظام العام أو القوانين الملزمة: فلا يجوز أن تشمل المقاصه الاتفاقية ديونًا لا يجوز التنازل عنها قانونًا، مثل النفقة أو الديون الناتجة عن الجرائم.

آثار المقاصه الاتفاقية:

  • تمكن الأطراف من تجاوز بعض القيود المفروضة على المقاصه القانونية.
  • تمنح مرونة في تسوية الالتزامات المالية بين المتعاملين، خاصة في المجالات التجارية والمصرفية.
  • تنشئ التزامًا قانونيًا ملزمًا للطرفين بمجرد الاتفاق عليها، ما لم يكن هناك سبب قانوني يمنع تنفيذها.

ثالثًا: المقاصه القضائية

المقاصه القضائية هي التي لا تتحقق تلقائيًا أو باتفاق الأطراف، وإنما تتطلب تدخل القضاء لإقرارها، ويحدث ذلك عادة في الحالات التي يكون فيها نزاع بين الطرفين حول وجود الدينين أو حول شروط إجراء المقاصه.

شروط المقاصه القضائية:

  1. وجود دعوى قضائية بين الطرفين: حيث يتعين على أحد الأطراف رفع دعوى أمام المحكمة يطالب فيها بإجراء المقاصه.
  2. عدم استيفاء شروط المقاصه القانونية بالكامل: فقد يكون أحد الدينين متنازعًا عليه أو غير مستحق الأداء بعد، فيتم اللجوء إلى القضاء لتقرير المقاصة إذا رأى القاضي أنها عادلة.
  3. تقدير القاضي للمقاصة: للمحكمة سلطة تقديرية في الحكم بالمقاصة أو رفضها وفقًا لظروف القضية.

آثار المقاصه القضائية:

  • لا تنفذ المقاصه إلا بعد صدور حكم قضائي بذلك.
  • في حالة وجود نزاع حول مبلغ الدين، قد يقرر القاضي إجراء المقاصه جزئيًا أو تأجيل تنفيذها حتى يتم الفصل في صحة الدين.
  • بمجرد صدور الحكم، تصبح المقاصه ملزمة للطرفين ويترتب عليها نفس الآثار التي تترتب على المقاصة القانونية.

أهمية المقاصة في المعاملات القانونية والمالية

تعتبر المقاصة أداة قانونية ذات أهمية كبيرة في تنظيم العلاقات المالية بين الأفراد والشركات، حيث توفر وسيلة سهلة وعملية لإنهاء الالتزامات المتقابلة دون الحاجة إلى دفع نقدي مباشر. وتبرز أهميتها بشكل خاص في المجالات التجارية والمصرفية، حيث تستخدم المؤسسات المالية والبنوك المقاصة بشكل دوري لتسوية الحسابات المتبادلة. كما تساعد المقاصة على تقليل الدعاوى القضائية وتقليل مخاطر التعثر المالي، مما يعزز استقرار الاقتصاد وسهولة التعاملات المالية.

الملخص

إن المقاصة، سواء كانت قانونية أو اتفاقية أو قضائية، تمثل وسيلة قانونية هامة لانقضاء الالتزامات المالية بطرق مرنة وسريعة. وبينما تفرض المقاصة القانونية نفسها تلقائيًا عند توافر شروطها، تتيح المقاصة الاتفاقية للأطراف حرية التفاوض حول كيفية تسوية ديونهم، في حين أن المقاصة القضائية توفر حلاً عادلًا للنزاعات المتعلقة بالديون المتقابلة.

لذلك، فإن فهم تفاصيل وأحكام المقاصة يعد أمرًا ضروريًا لكل من يتعامل مع المسائل المالية والقانونية لضمان حقوقه والتزاماته.

المقاصه في البنوك

تعتبر المقاصه في البنوك من الأدوات المالية المهمة التي تساهم في تسوية المعاملات بين المؤسسات المصرفية بشكل فعال، حيث يتم من خلالها تصفية الديون المستحقة بين البنوك دون الحاجة إلى تحويلات نقدية فعلية لكل معاملة على حدة. وتعتمد المقاصه في البنوك على مبدأ المقابلة بين الديون والحقوق، مما يقلل من الحاجة إلى التدفقات النقدية الكبيرة، ويزيد من كفاءة العمليات المصرفية، ويحد من مخاطر السيولة والائتمان.

أولًا: مفهوم المقاصه في البنوك

المقاصه المصرفية هي عملية تسوية الحسابات بين البنوك من خلال خصم الديون المتقابلة بين الأطراف المصرفية وسداد الفرق فقط، مما يتيح تقليل المعاملات المالية النقدية المباشرة بين البنوك. يتم ذلك عبر غرفة المقاصه، وهي مؤسسة مالية أو نظام إلكتروني يتولى تنفيذ هذه العمليات وفقًا للقواعد واللوائح المعتمدة من البنك المركزي.

ثانيًا: أنواع المقاصه في البنوك

1- المقاصة اليدوية (التقليدية)

كانت تستخدم سابقًا عندما كان يتم تبادل الشيكات ورقيًا بين البنوك داخل غرفة المقاصة، حيث يقوم كل بنك بتقديم الشيكات المسحوبة عليه من قبل عملاء البنوك الأخرى، ويتم فحصها وتسجيل القيم المستحقة لكل بنك، ومن ثم يتم إجراء التسوية المالية.

2- المقاصة الإلكترونية

في الوقت الحالي، تعتمد البنوك على أنظمة إلكترونية متقدمة تقوم بإجراء المقاصة تلقائيًا دون الحاجة إلى تدخل يدوي، حيث يتم إرسال بيانات الشيكات والتحويلات المالية عبر شبكات آمنة إلى غرفة المقاصه المركزية، التي تتولى تصفية العمليات وإجراء التسويات المالية بين البنوك بشكل فوري أو دوري.

3- المقاصه بين البنوك المحلية

تتم داخل الدولة بين البنوك المحلية التي تخضع لرقابة البنك المركزي، حيث يتم تنفيذ عمليات المقاصه يوميًا من خلال غرفة المقاصه التابعة للبنك المركزي أو عبر أنظمة الدفع الإلكتروني المعتمدة.

4- المقاصه الدولية

تتم بين البنوك العاملة في دول مختلفة، وتعتمد على شبكة من المؤسسات المالية التي تضمن تسوية المعاملات عبر أنظمة دفع دولية، مثل شبكة SWIFT، التي تستخدم لإرسال تعليمات الدفع بين البنوك على مستوى العالم.

ثالثًا: آلية عمل المقاصه في البنوك

تمر عملية المقاصه المصرفية بعدة مراحل لضمان دقة التسويات المالية بين البنوك، ويمكن تلخيصها في الخطوات التالية:

إرسال التعليمات المالية

عند إيداع شيك أو تنفيذ حوالة مصرفية، يقوم البنك المستفيد بإرسال تفاصيل العملية إلى غرفة المقاصه أو إلى النظام الإلكتروني المركزي.

التحقق من صحة البيانات

تقوم غرفة المقاصه أو النظام الإلكتروني بفحص البيانات للتأكد من تطابق المعلومات، مثل رقم الحساب والمبلغ وتوقيع صاحب الحساب.

إجراء التصفية المحاسبية

يتم تسجيل جميع الديون والائتمانات لكل بنك مشارك، ويتم احتساب صافي المبالغ المستحقة للبنوك المختلفة.

تسوية الحسابات بين البنوك

بعد تحديد صافي المستحقات، يقوم البنك المركزي أو نظام الدفع المعتمد بتحويل المبالغ بين البنوك، بحيث يتم دفع الفرق فقط، دون الحاجة إلى إجراء تحويلات فردية لكل معاملة على حدة.

إغلاق العمليات وإبلاغ الأطراف

بعد إتمام المقاصه، يتم إرسال تقارير إلى جميع البنوك المشاركة حول العمليات التي تم تسويتها وحالة الحسابات بعد تنفيذ المقاصة.

رابعًا: أهمية المقاصه في البنوك

تلعب المقاصه المصرفية دورًا رئيسيًا في تحسين أداء النظام المالي والمصرفي، وتتمثل أهميتها فيما يلي:

  1. تسريع عمليات التسوية: حيث تساعد المقاصة على تنفيذ المعاملات المالية بين البنوك بسرعة وفعالية، مما يقلل من التأخير في استلام الأموال.
  2. تقليل المخاطر المالية: تقلل المقاصة من الحاجة إلى تداول النقد الفعلي بين البنوك، مما يقلل من مخاطر التعثر المالي.
  3. خفض تكاليف التشغيل: نظرًا لأن المقاصة تتم بطريقة إلكترونية أو مركزية، فإنها تقلل من تكاليف المعاملات المصرفية وتحسن من كفاءة استخدام الموارد المالية.
  4. تعزيز استقرار النظام المالي: من خلال ضمان عمليات تسوية منتظمة بين البنوك، مما يحافظ على استقرار السوق المالي والمصرفي.
  5. زيادة الأمان والشفافية: توفر أنظمة المقاصة الحديثة مستويات عالية من الأمان من خلال تتبع جميع العمليات ومنع أي عمليات احتيالية.

خامسًا: دور البنك المركزي في المقاصه المصرفية

يشرف البنك المركزي في أي دولة على عمليات المقاصه بين البنوك التجارية لضمان حسن تنفيذها وفقًا للقوانين واللوائح المعمول بها. وتشمل مسؤوليات البنك المركزي ما يلي:

  1. وضع القوانين المنظمة للمقاصة والتأكد من التزام جميع البنوك بها.
  2. إدارة غرفة المقاصة والإشراف على العمليات التي تتم من خلالها.
  3. مراقبة عمليات التسوية المالية للتأكد من تنفيذها بطريقة صحيحة ودقيقة.
  4. توفير أنظمة الدفع الإلكترونية التي تسهل عمليات المقاصه وتسريعها.

سادسًا: التحديات التي تواجه المقاصه المصرفية

على الرغم من الفوائد الكبيرة التي تحققها المقاصه في البنوك، إلا أنها تواجه بعض التحديات، ومنها:

  1. المخاطر التشغيلية: قد تتعرض أنظمة المقاصه الإلكترونية للأعطال أو الهجمات السيبرانية التي تعطل عمليات التسوية المالية.
  2. عدم توافر السيولة الكافية: في بعض الحالات، قد تواجه بعض البنوك مشكلات في السيولة تعيق قدرتها على تسوية التزاماتها في الوقت المحدد.
  3. التغيرات التشريعية: تحتاج الأنظمة المصرفية إلى التكيف المستمر مع القوانين الجديدة التي تنظم عمليات المقاصه.

سابعًا: مستقبل المقاصه في البنوك

مع تطور التكنولوجيا المالية، تتجه البنوك إلى الاعتماد بشكل أكبر على المقاصه الإلكترونية وتقنيات البلوك تشين لتحسين كفاءة عمليات التسوية المالية. كما تشهد أنظمة الدفع العالمية تطورات كبيرة تهدف إلى تقليل الزمن المستغرق في تنفيذ المقاصه وزيادة مستوى الأمان والشفافية في المعاملات المالية.

لمعرفة كل مايخص المقاصة لا تتردد في

التواصل مع مكتب

الاستاذ / سعد فتحي سعد المحامى

مؤسس منصة المحامي الرقمية علي الرقم التالي :

📞 01211171704

عنوان المكتب : 183 شارع التحرير عمارة ستراند باب اللوق وسط البلد / القاهرة / مصر

افضل محامي

المقاصة في القانون المدني

تعد المقاصه في القانون المدني المصري من الوسائل القانونية التي تؤدي إلى انقضاء الالتزامات بين الدائنين والمدينين بطريقة مباشرة دون الحاجة إلى سداد نقدي أو تنفيذ فعلي. وهي تقوم على مبدأ التوازن بين الحقوق والالتزامات، حيث يتم إسقاط دين مقابل دين آخر مستحق الأداء. وقد نظم المشرع المصري المقاصه في القانون المدني ضمن أحكام انقضاء الالتزامات، لما لها من دور فعال في تقليل النزاعات المالية وتيسير التعاملات بين الأفراد والمؤسسات.

أولًا: تعريف المقاصه في القانون المدني

المقاصه هي انقضاء دينين متقابلين بين شخصين، بحيث يصبح كل منهما دائنًا ومدينًا للآخر في نفس الوقت، مما يؤدي إلى انطفاء الدينين كليًا أو جزئيًا بقدر الأقل منهما. ويترتب على ذلك إعفاء الطرفين من الوفاء الفعلي، حيث يتم خصم الدينين المتقابلين تلقائيًا أو بناءً على اتفاق أو بحكم من القضاء.

ثانيًا: أنواع المقاصه في القانون المدني

يمكن تقسيم المقاصه في القانون المدني المصري إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي:

1- المقاصه القانونية

وهي التي تتم بقوة القانون بمجرد توافر شروطها، دون حاجة إلى اتفاق بين الطرفين أو تدخل قضائي. ويتم اللجوء إليها تلقائيًا عندما يكون هناك ديون متبادلة بين الطرفين تنطبق عليها الشروط القانونية للمقاصة.

شروط المقاصه القانونية:

  • وجود دينين متقابلين: بحيث يكون كل طرف دائنًا ومدينًا في الوقت نفسه.
  • تماثل الدينين في النوع والجنس: مثل أن يكون كلاهما مبلغًا نقديًا، فلا يمكن إجراء المقاصه بين مبلغ مالي وكمية من القمح.
  • استحقاق الأداء: أي أن يكون كل من الدينين واجب الأداء وغير معلق على شرط أو غير مؤجل.
  • عدم وجود مانع قانوني: مثل أن يكون أحد الدينين غير قابل للحجز كنفقة الزوجة أو الديون الناشئة عن التعويضات المدنية.

آثار المقاصه القانونية:

  1. تنقضي الديون المتقابلة بقدر الأقل منهما تلقائيًا.
  2. لا يحتاج أي من الطرفين إلى اتخاذ إجراء قانوني إضافي.
  3. إذا كان هناك فرق بين الدينين، يبقى الزائد مستحقًا للدائن صاحب الدين الأكبر.

2- المقاصه الاتفاقية

وهي التي تتم بناءً على اتفاق بين الطرفين، حتى وإن لم تتوافر جميع الشروط اللازمة للمقاصة القانونية. وتستخدم هذه المقاصه بشكل خاص في العقود التجارية والعلاقات التعاقدية بين الأفراد والشركات.

شروط المقاصه الاتفاقية:

  • اتفاق الطرفين على إجراء المقاصه: يمكن أن يكون الاتفاق صريحًا أو ضمن عقد بينهما.
  • إمكانية الاتفاق على تجاوز بعض الشروط القانونية: مثل السماح بالمقاصة بين دينين غير متجانسين أو تأجيل تنفيذها.
  • عدم مخالفة القانون أو النظام العام: حيث لا يجوز أن تشمل المقاصه الاتفاقية ديونًا لا يجوز المساس بها قانونًا مثل النفقة أو الديون الجنائية.

آثار المقاصه الاتفاقية:

  • تمكن الأطراف من إجراء المقاصه في الحالات التي لا تنطبق عليها المقاصه القانونية.
  • تمنح الأطراف مرونة في تسوية ديونهم بالطريقة التي تناسبهم.
  • بمجرد الاتفاق عليها، تصبح ملزمة للطرفين قانونيًا.

3- المقاصه القضائية

وهي التي لا تتم تلقائيًا أو باتفاق الأطراف، وإنما تتطلب تدخل القضاء لإقرارها. وتحدث عندما يكون هناك نزاع بين الطرفين حول وجود الدين أو قيمته أو شروط المقاصة.

شروط المقاصه القضائية:

  • وجود دعوى قضائية مرفوعة بين الطرفين بشأن الدينين المتقابلين.
  • عدم استيفاء شروط المقاصة القانونية بالكامل، مثل أن يكون أحد الدينين متنازعًا عليه أو غير مستحق الأداء بعد.
  • تقدير القاضي لأحقية المقاصة: حيث يملك القاضي سلطة تقديرية في تقرير المقاصة من عدمها بناءً على الأدلة المقدمة.

آثار المقاصة القضائية:

  • لا تنفذ إلا بعد صدور حكم قضائي بها.
  • قد يقرر القاضي إجراء المقاصة جزئيًا أو تأجيلها حتى يتم الفصل في صحة الدين.
  • بمجرد صدور الحكم، تصبح المقاصة نافذة وملزمة للطرفين.

ثالثًا: أهمية المقاصة في القانون المدني

تلعب المقاصة دورًا هامًا في تسوية النزاعات المدنية وإنهاء الالتزامات المالية بطرق قانونية ميسرة، ومن أهم فوائدها:

  • تقليل النزاعات القضائية: حيث تمكن الأطراف من تسوية ديونهم المتبادلة دون الحاجة إلى رفع دعاوى قضائية منفصلة.
  • تسريع عملية الوفاء بالديون: مما يساهم في استقرار المعاملات المدنية والتجارية.
    تقليل مخاطر التعثر المالي: خاصة عند التعامل بين التجار والشركات، حيث تضمن المقاصة استيفاء الحقوق دون الحاجة إلى سداد نقدي فوري.
  • تحقيق العدالة والتوازن بين الأطراف: حيث تمنع أحد الأطراف من الاستفادة غير المشروعة من التأخير في السداد.

رابعًا: حالات لا يجوز فيها إجراء المقاصة

هناك بعض الحالات التي يمنع فيها القانون إجراء المقاصة، ومن أهمها:

  1. الديون غير القابلة للحجز: مثل ديون النفقة المستحقة للزوجة أو الأولاد، حيث لا يجوز المقاصة بينها وبين أي دين آخر.
  2. الديون المستحقة للدولة: حيث لا يجوز إجراء المقاصة بين ديون الأفراد أو الشركات وبين الأموال المستحقة للحكومة.
  3. الديون الناتجة عن الجرائم: مثل التعويضات المحكوم بها في القضايا الجنائية، حيث لا يجوز تسويتها بالمقاصة.
  4. إذا اشترط القانون أو العقد عدم إجراء المقاصة: مثل بعض العقود التي تمنع الأطراف من إجراء المقاصة دون موافقة مسبقة.

ماهي الديون التي تقع فيها المقاصة ؟

تتم المقاصه عندما يكون هناك ديون متقابلة بين شخصين، بحيث يكون كل منهما دائنًا ومدينًا في نفس الوقت. ومع ذلك، لا يمكن إجراء المقاصه إلا إذا كانت الديون تستوفي شروطًا معينة، وفقًا لما حدده القانون المدني المصري. وفيما يلي تفصيل للديون التي يمكن أن تقع فيها المقاصه:

أولًا: شروط الديون التي تخضع للمقاصة

لكي تتم المقاصه بين ديون متقابلة، يجب أن تتوافر فيها الشروط التالية:

أن يكون كل من الطرفين دائنًا ومدينًا للآخر

يجب أن يكون هناك دينان متقابلان بين نفس الطرفين، بحيث يكون كل طرف ملتزمًا تجاه الآخر.

أن يكون الدينان متجانسين في النوع والجنس

يشترط أن يكون الدينان من نفس النوع، مثل أن يكونا كلاهما مبالغ مالية بالعملة نفسها.
لا تجوز المقاصة بين مبلغ مالي وكمية من القمح أو سيارة.

أن يكون الدينان مستحقين الأداء

يجب أن يكون كل من الدينين حال الأداء، أي غير مؤجل أو معلق على شرط مستقبلي.

ألا يكون هناك مانع قانوني من إجراء المقاصة

لا يمكن إجراء المقاصه إذا كان القانون يحظرها، مثل الديون غير القابلة للحجز (كالنفقة).

ثانيًا: أنواع الديون التي تقع فيها المقاصه

1- الديون النقدية

تعتبر الديون المالية (المبالغ النقدية) من أكثر أنواع الديون التي تخضع للمقاصة، بشرط أن تكون بنفس العملة.

مثال: إذا كان شخص مدينًا لشركة بمبلغ 50,000 جنيه مصري، وفي نفس الوقت له دين على الشركة بقيمة 30,000 جنيه مصري، فيمكن إجراء المقاصة بين الدينين، بحيث يتم تسوية 30,000 جنيه، ويبقى عليه دفع الفرق فقط (20,000 جنيه).

2- الديون الناتجة عن عقود المعاوضة

يمكن أن تحدث المقاصه في الديون الناشئة عن العقود التي تترتب عليها التزامات مالية، مثل عقود البيع والإيجار والمقاولات.

مثال: إذا كان مقاول مدينًا لشركة مواد بناء بمبلغ 100,000 جنيه نظير شراء مواد، وفي نفس الوقت كانت شركة مواد البناء مدينة له بمبلغ 60,000 جنيه مقابل خدمات صيانة، يمكن إجراء المقاصة بقيمة 60,000 جنيه، ويبقى على المقاول سداد الفرق (40,000 جنيه).

3- الديون التجارية

تخضع الديون التجارية للمقاصة بسهولة نظرًا لطبيعة التعاملات التجارية، حتى لو لم تكن بنفس الشروط الصارمة الموجودة في القانون المدني.

مثال: إذا كان تاجر يستورد بضاعة من شركة وهو مدين لها بمبلغ معين، وكان لديه أيضًا دين مستحق على الشركة نفسها نظير خدمات قدمها لها، فيمكن تسوية الدينين بالمقاصة.

4- الديون التعويضية (إذا كانت محددة بقيمة مالية)

يمكن أن تتم المقاصه إذا كان هناك دين تعويضي محدد بقيمة مالية مستحقة الأداء.
مثال: إذا كان شخص مستحقًا لتعويض مالي من شركة تأمين بسبب حادث، وكان في الوقت نفسه مدينًا للشركة بمبلغ تأمين مستحق لم يدفعه، يمكن إجراء المقاصة بين الدينين.

5- الديون الموروثة

إذا ورث شخص دينًا مستحقًا له على شخص آخر، وكان في نفس الوقت مدينًا للورثة بدين آخر، يمكن إجراء المقاصه بين الدينين، بشرط أن يكونا بنفس الشروط القانونية.

ثالثًا: الديون التي لا تجوز فيها المقاصة

هناك بعض الديون التي لا يمكن أن تخضع للمقاصة، ومنها:

الديون غير القابلة للحجز

مثل ديون النفقة الزوجية والأبناء، لأنها حق شخصي محمي قانونيًا ولا يجوز المساس به.
مثال: إذا كان الزوج مدينًا لزوجته بنفقة، وكان له دين عليها، فلا يمكنه المطالبة بالمقاصة.

الديون المستحقة للدولة

الضرائب والرسوم المستحقة للحكومة لا يمكن تسويتها بالمقاصة مع أي ديون أخرى.
مثال: لا يمكن للمواطن المطالبة بالمقاصة بين دين ضريبي عليه ومستحقات حكومية له.

الديون الناشئة عن التعويضات الجنائية

أي تعويضات مستحقة بسبب جريمة أو مسؤولية جنائية لا يجوز إجراء المقاصه عليها.
مثال: إذا كان شخص محكومًا عليه بتعويض لضرر جنائي، فلا يمكنه المطالبة بالمقاصة مع دين آخر مستحق له على المتضرر.

الديون المعلقة على شرط

إذا كان الدين معلقًا على شرط مستقبلي، فلا يجوز إجراء المقاصه به حتى يتحقق الشرط.
مثال: إذا كان أحد الديون مشروطًا بإتمام عمل معين، فلا يمكن إجراء المقاصة حتى يتم العمل.

الديون غير المتجانسة

إذا كان الدينان مختلفين في الطبيعة، فلا تجوز المقاصه بينهما.

مثال: لا يمكن إجراء المقاصة بين مبلغ مالي وكمية من القمح أو سيارة.

رابعًا: أثر المقاصه على الديون

  1. بمجرد تحقق شروط المقاصه، ينقضي الدينان بقدر الأقل منهما.
  2. إذا كان هناك فارق بين الدينين، يبقى الجزء المتبقي مستحقًا للطرف صاحب الدين الأكبر.
  3. تعتبر المقاصه بمثابة سداد للدين، فلا يمكن لأحد الأطراف المطالبة بسداد الدين بعد إتمام المقاصه.
YouTube
Instagram
TikTok