شركة المحاصة
شركة المحاصة هي واحدة من أنواع الشركات التي تلعب دورًا هامًا في عالم الأعمال والتجارة. تتميز شركة المحاصة بكونها شركة مستترة لا تظهر للعامة، حيث يتم تأسيسها بناءً على اتفاق خاص بين الشركاء دون الحاجة إلى تسجيلها في السجلات الرسمية أو إعلانها بشكل عام. تُعتبر شركة المحاصة خيارًا مرنًا وسهل التأسيس للشركاء الذين يرغبون في التعاون بشكل خاص ومحدود لتحقيق هدف معين أو مشروع محدد دون تعقيدات قانونية.
يتيح نظام شركة المحاصة للشركاء فرصة تحديد أدوارهم وصلاحياتهم بشكل داخلي دون التزام بأي شكل إداري أو قانوني معقد، مما يجعلها جذابة للكثير من المستثمرين ورواد الأعمال. وتعتبر شركة المحاصة وسيلة مثالية لتحقيق شراكات قصيرة الأمد أو تنفيذ مشروعات مؤقتة، حيث تُبنى على الثقة المتبادلة بين الشركاء.
على الرغم من مميزاتها، إلا أن شركة المحاصة تحمل بعض التحديات، أبرزها عدم وجود شخصية قانونية مستقلة، مما يعني أن الشركاء يتحملون المسئولية عن التزامات الشركة بشكل شخصي. ولهذا السبب، يجب أن يكون الاتفاق التأسيسي لشركة المحاصة واضحًا ودقيقًا لضمان حماية حقوق جميع الأطراف.
إذا كنت تفكر في تأسيس شركة المحاصة، فإن فهم تفاصيلها القانونية وآليات عملها يعد أمرًا ضروريًا. ستقدم لك هذه المقالة شرحًا وافيًا عن شركة المحاصة، أنواعها، مزاياها، عيوبها، وأهم النقاط التي يجب مراعاتها عند تأسيسها. إن شركة المحاصة تمثل نموذجًا فريدًا للشراكات، وستكتشف المزيد عن هذا النوع من الشركات خلال قراءة المقالة.
ماذا يعني شركة محاصة؟
تنعقد شركة المحاصة كبقية الشركات بين شخصين أو أكثر يساهم كل منهم في مشروع تجاري بنصيب معين من المال أو العمل، واقتسام ما ينتج عن هذا المشروع من أرباح أو خسائر. ويقوم بنشاط المشروع أحد الشركاء باسمه الخاص في مواجهة الغير.
وطبيعة هذه الشركة تختلف عن باقي الشركات بصفتها المستترة لأنها لا تظهر للغير ولا تكتب ولا يشهر عنها على خلاف باقي الشركات التجارية. فليس لها شخصية معنوية، ولا اسم تجاري أو ذمة مالية. فهي شركة تقوم بين أفرادها ولا يعلم الغير بوجودها.
وعرفت المادة (٥٩) من المجموعة التجارية هذه الشركة بقولها وزيادة على أنواع الشركات الثلاثة السالف ذكرها تعتبر أيضا بحسب القانون الشركات التجارية التي ليس لها رأسمال شركة ولا عنوان شركة وهي المسماة بـ شركة المحاصة.
وينتشر هذا النوع من الشركات كثيرا في الحياة العملية لصفتها المستترة، وهي عادة تنعقد بين شركائها بعمل واحد معين أو أعمال قليلة متفرقة، كشراء صفقة بضائع وبيعها وتوزيع ما ينتج من ربح أو خسارة وانتهاء الشركة بعدها، أو الاتفاق على شراء أنقاض مبان وبيعها أو شراء ثمار حديقة فواكه وإعادة بيعها
واقتسام الربح أو الخسارة. ويستدل هذا في الواقع من نص المادة (٦٠) من المجموعة التجارية التي تقضى بأن تختص هذه الشركات بعمل واحد أو أكثر من الأعمال التجارية». على أن ذلك لا يمنع أن تقوم شركة المحاصة لأعمال ضخمة أو لآجال طويلة كالاتفاق على استغلال مسرح أو سينما أو استغلال غابة أو القيام بأعمال مقاولات.
وتنظم شركة المحاصة الأحكام الواردة بالمواد من (٥٩ إلى٦٤) فيما يتعلق بشركات الأشخاص من المجموعة التجارية. ويعالج المشرع الفرنسي حاليا شركة المحاصة ضمن تنظيم الشركات المدنية، وذلك
بعد صدور قانون ٤ يناير ۱۹۷۸(المواد من (۱۸۷۱ إلى ١٨٧٢/٢) الذي أخرج تنظيم هذه الشركات من قانون الشركات الصادر في ٢٤ لسنة ١٩٦٦. وشركات المحاصة تعالج أيضا وفقا للقانون المدني الفرنسي ولو كانت ذات نشاط تجاري.
ولما كانت شركة المحاصة تمثل في جوهرها عقد شركة، فإنها تخضع في تكوينها للشروط الموضوعية العامة والخاصة لعقد الشركة بصفة عامة فيجب ألا يقل أعضائها عن شريكين وتمتع جميع الشركاء
بالأهلية القانونية لمباشرة التجارة بالنسبة للشركاء جميعا ذلك أن عدم وجود شخصية معنوية لهذه الشركة يجعل المدير المحاص وكأنه يتعاقد لحساب نفسه. كما وأن كل شريك ينصرف إليه نتائج التصرفات القانونية من ربح أو خسارة من مسئولية شخصية.
هذا بالإضافة إلى ضرورة تقديم كل شريك حصة من مال أو عمل حيث تجوز الحصة بعمل في هذه الشركة كما يجب أن يشترك كل منهم في الأرباح والخسائر ونية الاشتراك في شركة وفقا للتفصيل السابق، كما تخضع هذه الشركة في انقضائها لأسباب الانقضاء السابق شرحها، كانتهاء الفرض الذي قامت من أجله
أو انتهاء مدتها أو هلاك رأس مالها المقدم من الشركاء فيما بينهم كما تنقضي قضاء بعدم الاتفاق بين الشركاء)، إلى غير ذلك من الأسباب التي تتناسب وطبيعتها المستترة. هذا علاوة على خضوعها لأسباب
الانقضاء الخاصة بشركات الأشخاص حيث تعتبر هذه الشركة من شركات الأشخاص كما سنرى.
وسوف نتناول في هذا المجال دراسة خصائص شركة المحاصة وإدارتها وانقضائها.
لتأسيس شركتك بسهولة وبدون اي تعقيدات لا تتردد في التواصل مع مكتب الاستاذ / سعد فتحي سعد المحامى
مؤسس منصة المحامي الرقمية علي الرقم التالي :
📞 01211171704
عنوان المكتب : 183 شارع التحرير عمارة ستراند باب اللوق وسط البلد / القاهرة / مصر
خصائص شركة المحاصة
أولا: عدم اشتراط الكتابة في تكوين شركة المحاصة وانعدام إجراءات العلانية
لما كانت هذه الشركة تتميز بصفتها المستترة بوصفها شركة تتكون في الخفاء لا يعلم الغير عن تكوينها أو الشركاء فيها
فهي لا تخضع لركن الشكلية الواجب توافره في عقد الشركة ولا لإجراءات العلانية التي يتطلبها المشرع في بقية الشركات التجارية. وبناء على ذلك لا يشترط أن يتم عقد تأسيسها كتابة، ولا يشهر هذا العقد ولا
يتخذ إجراءات النشر أو بالقيد بالسجل التجاري. وتقضى المادة (٦٣) من المجموعة التجارية بأنه لا يلزم في شركات المحاصة التجارية اتباع الإجراءات المقررة للشركات الأخرى. على أن ذلك لا يمنع أن يتم عقد
تأسيس هذه الشركة كتابة بين الشركاء، بل إنه غالبا ما يلجأ الشركاء إلى كتابة العقد بقصد تحديد علاقتهم ببعض وعلاقتهم بمدير المحاصة ومسئوليته قبلهم وتحديد الأرباح والخسائر فيما بينهم. ويقتصر عقد الشركة المكتوب في هذه الحالة على العلاقة بين الشركاء وبعضهم البعض دون الغير فهو
لا يسرى في مواجهة الغير ولا يلزمهم وذلك لأنه غير معلن ولم تتبع فيه إجراءات العلانية والتي من شأنها أن يتعدى العقد في العلم به حدود أطرافه. ويعتبر عقد شركة المحاصة هو المنظم لعلاقة الشركاء بعضهم البعض.
ويراعى فى هذا الخصوص أن تقدير ما إذا كان العقد شركة محاصة من عدمه أي يخص شكل شركة أخرى دون اتباع إجراءات الشهر المقررة قانوناً لهذه الأخيرة، خاضع لقاضى الموضوع وفق ما تسفر عنه وقائع النزاع.
وقضت محكمة النقض في هذا الخصوص بجلسة ١٤ نوفمبر ۲۰۱۱ بإلغاء حكم محكمة الاستئناف الذى قضى بوجود شركة محاصة بين أطراف النزاع، على سند أن المحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتفسير العقود المحررات بما تراه أدنى إلي نيه عاقديها الشرط ألا تخرج عن المعنى
الظاهر لعباراته، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن أبرم مع المطعون ضده عقد مؤرخ ٣/١١/١٩٧٠بموجبه أصبح على بدوى ” بصفته ولياً طبيعياً على أبنه علاء الدين ” شريكا بواقع الثلث في صيدلية زهير التي يملكها الصيدلي محمد الجمل في مقابل مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وتضمن الاتفاق على المشاركة
في الأرباح والخسائر، وأن يكون المالك الصيدلية حق الإدارة لقاء مبلغ مائة وعشرين جنيها شهرياً، وأنه في حالة وفاة أي من الطرفين – يحل ورثته محله ووقع عليه كشهود ثلاثة من أصحاب الصيدليات بذات المدينة، وإذ تجاهل الحكم المطعون فيه ما أنطواه هذا القيد من اشتراطات والتزامات متعلقة بكيفية
توزيع الأرباح واختصاص المالك الأصلي للصيدلية بالإدارة لقاء أجر، فضلا عن أنه شهد على إبرامه ثلاثة من أصحاب الصيدليات بذات المدينة وهو ما يؤدى إلى أن هذا التفسير من الحكم المطعون عليه لا يواجه الحقائق سالفة الذكر بما يكون معه استخلاصه غير سائغ ولا يتطابق مع الثابت بالأوراق.
ويترتب على ما سبق من أحكام أن عقد شركة المحاصة يوجد فيما بين الشركاء سواء تم كتابة أو لم يتم وفي هذه الحالة يمكن إثبات هذا العقد فيما بين الشركاء بكافة طرق الإثبات. وأكد المشرع التجاري ذلك في المادة (٦٣) لقوله ويجوز إثبات وجود شركات المحاصة بإبراز الدفاتر والخطابات.
ويعتبر الرأي مستقرا فقها وقضاء على أن المقصود بهذا النص هو خضوع شركة المحاصة للإثبات بكافة الطرق بما فيها البيئة والقرائن رغم عدم شمول النص عليها أسماء شركائه طالما تم ذلك دون علمهم وذلك رغم عدم نص قانون ۱۹۷۸ على خلاف قانون الشركات لعام ١٩٦٦ والذي كان ينص صراحة على هذا
الحكم في المادة (٤٢١) منه. ويرى الفقه الفرنسي في هذا النوع من شركة المحاصة أنه يكفي توافر الأهلية القانونية لمزاولة التجارة في الشريك المدير المحاص الذي يتعاقد مع الغير ويكتفى بالأهلية المدنية لباقي الشركاء.
وتختلف هذه الحالة عن النوع الثاني من شركات المحاصة وهو ظهور الشركاء المحاصين أنفسهم أمام الغير حيث يحق لهذا الأخير الرجوع عليهم لظهورهم بمظهر الشركاء المتضامنين. ويطلق على هذا النوع من الشركات شركة المحاصة الظاهرة وهي الشركة التي تتضمن شريكين أو أكثر دون إخفاء ذلك عن الغير
ودون اتباع إجراءات كتابة ونشر وشهر عقد الشركة كشركة المحاصة الخفية وبالتالي عدم تمتعها بالشخصية المعنوية.
ويشترط في هذه الشركة توافر أهلية مزاولة التجارة في جميع الشركاء على السواء نظرا لاعتبارهم متضامنين في عمل تجارى.
ومن الجائز أن تكون شركة المحاصة خفية في بعض العقود والتصرفات دون البعض الآخر كما قد تكون خفية في علاقاتها مع جانب من الغير ومكشوفة بالنسبة للبعض الآخر.
وتختلف شركة المحاصة في صورتيها الخفية والظاهرة عما يطلق عليه الفقه الفرنسي الشركة التي تنشأ من الواقع والتي يقصد بها المركز الذي يتولد عن اجتماع شخصين أو أكثر يعيشان في الواقع كشركاء دون إظهار أرادتها لتكوين شركة.
وطبقا لقانون ۱۹۷۸ الفرنسي الصادر في 4 يناير تطبق على الشركة التي تنشا من الواقع أحكام شركة المحاصة (م ۱۸۷۳ مدني).
ويضفى القضاء الفرنسي صفة الشركة على شركات الواقع إذا توافرت الشروط الموضوعية الخاصة لعقد الشركة على أن محكمة النقض الفرنسية قضت في حكم لها أنه يكفي لإضفاء صفة الشركة على الشركة التي تنشأ من الواقع تقييمها في مجموعها دون اشتراط توافر كافة الشروط الموضوعية الخاصة لتكوين عقد الشركة.
ثانيا: شركة المحاصة ليست شخصية معنوية بل مجرد عقد
لما كانت شركة المحاصة لا تخضع للإجراءات الشكلية والعلانية التي تخضع لها سائر الشركات التجارية، فالمفروض أن الغير لا يعلم عنها شيئاً. ونتيجة لذلك فهى لا تكتسب الشخصية المعنوية فهذه الأخيرة
نظام قرره القانون لتسهيل تعامل الغير مع الشركة كشخص مستقل عن الشركاء فيها، وكذلك تسهيل تعامل الشركة ذاتها مع الغير كشخص مستقل عن الشركاء. فالغير بالنسبة لهذه الشركة لا
يعرف سوى الشريك الذى يتعاقد معه، وهذا الأخير يتعاقد باسمه دون اسم الشركة حيث لا وجود لها في مواجهة الغير، وإذا قام بإدارة الشركة عدة شركاء، كان لكل منهم فى تعامله مع الغير قائم بعمل لحسابه
الشخصي ويسأل في مواجهة الغير على هذا الأساس. وتقضى المادة (٦١) من المجموعة التجارية في ذلك بأنه من عقد من المحاصين عقدا مع الغير يكون مسئولا له دون غيره.
ولما كانت شركة المحاصة ليست لها شخصية معنوية فلا تكون دائنة بالتزام ما. وقضت محكمة النقض الفرنسية بجلسة ٢٠ مايو ٢٠٠٨ أن كل شريك في شركة المحاصة يتعاقد باسه الشخصي ويظل بمفرده
مسئولا عن هذا العمل في مواجهة الغير. على أن الأمر يصبح مختلفا في حالة تصرف المحاصين كشركاء، أو في حالة تصرف أحد المحاصين بطريقة يجعل الغير يعتقد أنه المسئول عن التعاقد المبرم مع أحد المحاصين.
كما قضت محكمة النقض الفرنسية بأن اشتراك شخص مع آخر في شراء ورقة يانصيب التي تعتمد على فرصة الربح أو الخسارة تكون حصة لكل منهما بنية المشاركة في اقتسام التكاليف والربح المحتمل. كما قضت ذات المحكمة بأن تعاقد أكثر من شريك مع الغير باعتبارهم شركاء، ملزمون بمصيرهم فى مواجهة هذا الغير فيما جاء بهذا التصرف.
النتائج المترتبه على عدم وجود شخصية معنوية لـ شركة المحاصة
أ – عدم وجود ذمة مالية لـ شركة المحاصة :
يترتب على عدم وجود شخصية معنوية مستقلة لـ شركة المحاصة عن شخصية الشركاء فيها، عدم وجود رأس مال لها. ففي شركات المحاصة تظل الحصة المقدمة من الشريك المحاص ملكا له لا تنتقل إلى ملكية الشركة فليس للشركة ذمة مالية تتكون من مجموع حصص الشركاء. وذلك خلافا للقواعد العامة
التي تطبق في الشركات الأخرى التي تنتقل فيها الحصة المقدمة من الشريك إلى الذمة المالية الخاصة بالشركة. ويعتبر خروج شركة المحاصة على هذه القاعدة العامة أمرا طبيعيا نظرا لصفة الخفاء التي تتميز بها لعدم تمتعها بالشخصية المعنوية.
ويترتب على ما سبق أن مجموع حصص الشركاء في شركات المحاصة لا يكون رأس مال مستقل أو ذمة مالية منفصلة عن ذمم الشركاء المحاصين على خلاف الحال في بقية الشركات التجارية. كما يترتب على ما سبق عدم وجود ضمان عام للدائنين في هذه الشركة ويقتصر ضمانهم على الذمة المالية للشريك المحاص الذي يتعامل معهم فيتقاسمون مع الدائنين الشخصيين للشريك المحاص.
ملكية الحصص:
إذا كانت القاعدة في شركة المحاصة أن كل شريك يظل محتفظا بملكية حصته ويقوم باستثمارها بنفسه ثم يشترك مع بقية الشركاء المحاصين في نتائج استغلاله لحصته، إلا أنه يحدث أحيانا أن تتخذ ملكية الحصص صورة أخرى كما في الحالات الآتية:
١-أن يقدم كل شريك حصته إلى مدير المحاصة لاستثمارها وتوزيع ما ينتج عن هذا الاستثمار من مكاسب على الشركاء جميعا مع احتفاظ كل شريك بملكية حصته وتختلف هذه الحالة عن الحالة السابقة في أن الحصص يتسلمها المدير المحاص ويقوم بالاستغلال وحدة. ويترتب على ذلك أن حق الشريك المحاص
على حصته يختلف من الناحية العملية حسب ما إذا كانت حصته عينية أو مجرد مبلغ نقدي. ذلك أنه في الحالة الأولى الحصة العينية تظل الحصة على ملك صاحبها يستطيع استردادها بعينها.
عند انتهاء الشركة من ذمة المدير الشريك أو من تفليسته إذا ما حكم بشهر إفلاسه أثناء حياة الشركة.
كما يجوز لدائني الشريك المحاص مطالبة المدير باستردادها بعينها ولا يعتد فى مواجهتهم بالشركة. هذا وتهلك الحصة العينية على مقدمها لأن الهلاك على المالك تطبيقا للقواعد العامة، وذلك ما لم يكن
الهلاك نتيجة الاستغلال الطبيعي لأموال الشركة فتعتبر ضمن الخسائر التي يتحملها جميع الشركاء. وأخيرا فإن لمقدم الحصة العينية حق التصرف فيها للغير كما يشاء، وفى هذه الحالة يلزم بتقديم حصة أخرى في مواجهة الشركاء.
أما مقدم الحصة في صورة مبلغ نقدي فإنه بمجرد تسليمه إياه إلى المدير المحاص يصبح دائنا بمبلغ مماثل لهذا المدير عند انتهاء الشركة. ولما كانت هذه المبالغ لا تدخل في ذمة الشركة لعدم وجود ذمة مالية مستقلة لها وانما تمتزج بأموال المدير الخاصة بوصفها من الأموال المثلية فإن دائني المدير لهم حق التنفيذ عليها، ويشاركهم على قدم المساواة دائن الشريك دون تمتع هذا الأخير بحق الأفضلية كمالك.
٢ – وقد يتفق فيما بين الشركاء على تقديم كل شريك حصته إلى مدير المحاصة على سبيل التمليك ليباشر نشاطه على مجموع الحصص ويلجأ الشركاء إلى هذا الطريق لتسهيل استغلال أموال الشركة من جانب المدير المحاص ولما كان من شأن ذلك دخول هذه الحصص إلى ذمة المدير الشخصية فإن لدائنيه
الشخصيين حق التنفيذ عليها ولو كانت حصة عينية. كما أنه ليس لدائني مقدم الحصة حق التنفيذ عليها، على أنه لما كان نقل الحصص إلى المدير المحاص هو من قبيل النقل الصوري لهدف معين هو تيسير استثمار الحصص، فإن القضاء يجيز إثبات صورية عقد نقل الملكية بكافة الطرق.
٣- وأخيرا قد يتفق الشركاء المحاصين على بقاء حصصهم على الشيوع فيما بينهم وتوزيع ما ينتج عن استغلال هذه الأموال بنسبة حصة كل شريك في الشيوع وفى هذه الحالة تكون موجودات الشركة ملكا شائعا للشركاء فيما بينهم بنسب حصة كل منهم ويترتب على ذلك أنه لا يجوز لدائني مدير المحاصة
التنفيذ على هذه الحصص التي ليست ضمن ذمته المالية، كما أنها لا تدخل في التفليسة في حالة إفلاسه، على أنه يجوز لدائنه أو لدائني أي شريك محاص التنفيذ على نصيب أي منهم في المال الشائع.
ب- عدم وجود عنوان تجارى تتعامل به الشركة:
أن مدير شركة المحاصة يتعاقد باسمه الشخصي كما سبق القول، وذا تعاقد أحد الشركاء مع الغير فإنه يتعاقد باسمه الخاص ولحسابه لعدم وجود شخص معنوي مستقل يتعاقد باسمه، كما لا يلزم بهذا التعاقد باقي الشركاء إلا في حدود الاتفاق المبرم بين الشركاء بعضهم البعض.
ج- ليس لـ شركة المحاصة موطن :
أن الموطن الذي يعتد به في حالة تكوين شركة محاصة هو موطن مدير المحاصة أو الشريك الذي يتعاقد مع الغير. وبالتالي يكون باطلا الإعلان المقدم في موطن الشريك الذي لم يتعامل مع الغير لعدم وجود أية علاقة بينه وبين الغير فالعلاقة تنحصر بين الشركاء المتعاملين كل على حدة مع الغير كما سبق القول.
هل شركة المحاصة شركة أشخاص ؟
تعتبر شركة المحاصة من شركات الأشخاص. فأساس تكوينها الثقة المتبادلة بين الشركاء والمعرفة الوثيقة فيما بينهم.
فالاعتبار الشخصي هو عماد هذه الشركة، وهذه الصفة تبدو أكثر وضوحا في هذه الشركة عن باقي شركات الأشخاص نظرا لأن الشركاء لا يظهرون في مواجهة الغير، ويقدمون حصصهم غالبا ملكا للشريك المدير المحاص، ويعتمدون في نتائج أعمال الشركة على مجرد الثقة فيمن تلقى حصصهم ويتعامل باسمه الخاص.
ويترتب على الاعتبار الشخصي كأساس لتكوين هذه الشركة أنه لا يجوز لأي من الشركاء التصرف في حصته إلا بموافقة باقي الشركاء، كما لا يجوز للشركة أن تصدر صكوكا أيا كان نوعها قابلة للتداول. كما وأن الشركة تنتهي إذا ما أشهر إفلاس أحد الشركاء أو حجر عليه أو توفى ما لم يتفق على غير ذلك. وفي
الجملة تخضع هذه الشركة للأحكام الخاصة لشركات التضامن السابق ذكرها واعتبارها شركة من شركات الأشخاص.
وتنتهي الشركة أيضا لسبب قوى يبرر ذلك كعدم اتفاق الشركاء فيما بينهم mèsintelligence. وإذا كانت الشركة مكونة لمدة غير محددة فإنها تنقضي بناء على طلب انسحاب أحد الشركاء بشرط توافر حسن النية والوقت المناسب وذلك وفقا للتفصيل السابق شرحه.
صفة التاجر لجميع الشركاء المحاصين
هذا ويكتسب جميع الشركاء في شركة المحاصة صفة التاجر وليس فقط الشريك المدير المحاص رغم قيامه وحده بالأعمال التجارية ذلك أنه في حقيقة الأمر يقوم بهذه الأعمال لحساب جميع الشركاء وإن كان
يتعاقد باسمه الشخصي أمام الغير. فالذي يتحمل نتائج المشروع من ربح أو خسارة ليس فقط المدير المحاص بل جميع الشركاء على السواء. فالتجارة التي يقوم بها الشركاء على سبيل الاحتراف هي تجارة
مستترة تحت اسم الشريك المدير والقول بغير ذلك يترتب عليه مساواة الشريك المحاص بالشريك الموصي في شركة التوصية رغم اختلاف مركز كل منهما، أما الشريك المحاص الموصي الذي يشترط في
عقد الشركة مسئوليته المحدودة، فإنه لا يكتسب صفة التاجر شأنه في ذلك شأن الشريك الموصي في شركات التوصية البسيطة نتيجة مسئوليته المحدودة.
إدارة شركة المحاصة
المدير المحاص :
يتفق غالبا بين الشركاء فى شركة المحاصة على اختيار أحدهم ليقوم بأعمال الإدارة نيابة عنهم جميعا. ويسمى الشريك المدير في هذه الحالة مدير المحاصة Lassocie gerant وفي هذه الحالة على الشريك المدير أن يقوم بأعمال الإدارة باسمه الشخصي ولكن لصالح باقي الشركاء ولحسابهم. ويترتب على ذلك أن مدير المحاصة يبدو أمام الغير كأنه يتعاقد لنفسه، ولكن عليه بعد ذلك نقل آثار هذا التعاقد إلى بقية الشركاء.
وقد يتفق فيما بينهم على أن يقوموا جميعا بأعمال الإدارة دون الفراد أحدهم، بمعنى أن يلتزم الشركاء في كل تعاقد مع الغير. وفي هذه الحالة يسأل جميع الشركاء في مواجهة الغير باعتبارهم متضامنين معا للوفاء بالديون، وذلك تطبيقا للقواعد العامة فى افتراض التضامن في الأعمال التجارية (المادة (٤٧) من قانون التجارة رقم 17 لسنة ۱۹۹۹).
ويحدث أحيانا أن يتفق الشركاء فيما بينهم في إدارة شركة المحاصة على أن يختص كل شريك بإدارة جزء من أعمال الشركة، كما إذا اتفق على أن يعمل كل شريك بإدارة حصته التي يمتلكها على حدة ثم بعد ذلك يقدم كل منهم حسابا عن نتائج هذه العمليات لباقي الشركاء واقتسام ما ينتج عنها من ربح أو خسارة. وفى هذه الحالة يعتبر كل شريك في تعامله مع الغير مستقلا عن تعامل غيره من الشركاء، وكل شريك
يتعاقد باسمه الشخصي ثم يلزم بنقل آثار هذا التعاقد لصالح الشركاء جميعا وفقا للاتفاق المبرم بينهم.
هذا وإذا لم يتفق على أسلوب الإدارة بين الشركاء المحاصين يعتبر كل منهم مديرا.
مسئولية المدير المحاص إذا كان شخصا معنويا :
قد يكون شريكا في شركة محاصة أحد الأشخاص المعنوية كشركة تضامن أو ذات مسئولية محدودة. وفى هذه الحالة لا مانع من الناحية العملية أو القانونية أن يقوم الشخص المعنوي في هذه الحالة بإدارة
شركة المحاصة التي هو شريك فيها. والظهور أمام الغير باسمه وعنوانه التجاري الذي يتمتع به قبل اشتراكه في شركة المحاصة. ولا يعتبر هذا بمثابة ظهور أو كشف عن شركة المحاصة في مواجهة الغير،
ذلك أن الشخص المعنوي في هذه الحالة يقوم بدور المدير الشريك المحاص، ويعتبر كأنه يقوم بالأعمال التجارية لحسابه وحده. ونتيجة لذلك يسأل الشخص المعنوي في مواجهة الغير دون بقية الشركاء المحاصين.
وتتحدد مسئولية الشخص المعنوي في هذه الحالة حسب الشكل القانوني للشركة (القائمة بالإدارة)، فقد يسأل مسئولية تضامنية وغير محدودة إذا ما كان يمثل شركة أشخاص، وقد يسأل مسئولية محدودة في مواجهة الغير نتيجة أعمال الإدارة إذا كان يمثل شركة مساهمة أو شركة ذات مسئولية
محدودة أو شركة شخص واحد. ولا ضرر في ذلك على الغير. ذلك أنه يعلم مقدما بطبيعة الشركة ومدى مسئولية الشركاء فيها لأنها شركة مشهرة ومعلن عنها، كما لا ضرر في ذلك على باقي الشركاء المحاصين نظرا للمسئولية المحدودة التي تتمتع بها هذه الشركات والتي يعلم بها الشركاء المحاصين قبل قبولهم الشخص كشريك محاص بينهم.
نتائج إدارة شركة المحاصة :
أ- علاقة الشركة بالغير:
سبق أن أشرنا إلى أن ما يميز شركة المحاصة عن سائر الشركات التجارية التي نص عليها القانون هو صفتها المستترة في مواجهة الغير فهذا الغير لا يعلم بوجود الشركة أو تكوينها لعدم قيدها في السجل التجاري.
وبناء على ذلك إذا تعاقد أحد الشركاء مع الغير فإنه يتعاقد باسمه الشخصي وليس باسم الشركة، ولا يلزم بهذا العمل في مواجهة الغير سوى الشريك الذي باشره، حتى ولو كان الغير يعلم بوجود الشركة فيما بين الشركاء، بل حتى ولو أظهر له الشريك المتعاقد ما يفيد وجود الشركة حتى يعطى الغير ائتمانا
وضمانا للتشجيع على التعامل معه. ذلك أن مجرد علم الغير بوجود الشركة لا يكفي لمسائلة أي شريك آخر طالما لم يصدر من الشركاء تصرفا يفيد رضاءهم بالالتزام بوصفهم شركاء في شركة ما.
وقضت محكمة النقض بأنه ليس للشريك في شركة المحاصة مطالبة الغير بتنفيذ العقود التي أبرمها شريك آخر كما أنه ليس للغير مطالبة الشريك في شركة المحاصة بتنفيذ العقود التي أبرمها شريك آخر.
كما قضت ذات المحكمة بأن قيام شركة محاصة مستترة في صفقة ما لا يجعل الشركاء فيها مسئولين
عن تعاقد الغير عليها مع أحد الشركاء باسمه الخاص ما لم يثبت أن الشركاء قد اتفقوا على خلاف ذلك أو صدر منهم إقرار بالاشتراك في التعاقد. ولا يكفي لمساءلة الشركاء قبل الغير القول المجرد الذي قد
يصدر من أحدهم بأنه شريك في الصفقة إذا لم يقرن هذا القول بالإقرار بأنه طرف في التعاقد إذ أن اشتراك بعض الأشخاص في صفقة ما لا يفيد لزاما أنهم أطراف العقد الذي أبرم عن هذه الصفقة مع الغير حتى يسألوا عنه جميعا قبله.
كما يترتب على عدم وجود الشركة فى مواجهة الغير عدم أحقية دائن الشريك المدير أو دائن أي شريك يباشر أحد التصرفات لحساب باقي الشركاء في التنفيذ على أموال أي من الشركاء المحاصين. لأنه ليس له من ضمان سوى ذمة الشريك المدير أو ذمة من تعامل معه كما ليس له رفع الدعاوى المباشرة على أي
من الشركاء لمطالبته بتقديم الحصة. ولا يستطيع الغير الرجوع على أحد الشركاء بدعوى الإثراء بلا سبب لما عاد عليه من منفعة نتيجة تعاقد المدير المحاص، ذلك أن الشريك غير المدير يتمتع بسبب لثرائه وهو عقد الشركة. ولكن يستطيع دائن المدير المحاص الرجوع على أي من الشركاء بالدعوى غير المباشرة لمطالبته بحقوقه قبل مدينه (المدير المحاص).
ويلاحظ أن الشريك المحاص الذي يتعامل باسمه الشخصي مع الغير يعتبر مسئولا في جميع أمواله في مواجهة هذا الغير حتى ولو كان متفقا على تحديد مسئوليته مع باقي الشركاء، ذلك أن عقد الشركة لا يحتج به في مواجهة الغير. ولا يخضع الشريك المستتر في هذه الشركة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، بل
الشريك الظاهر فقط أمام الغير الذي يتعامل باسمه ويلزم عن نفسه على أن ذلك لا يمنع الشريك الظاهر من الرجوع على الشركاء بما دفعه من نصيبهم في الأرباح لأنه يعمل لحسابهم في حقيقة الأمر.
وإذا تعاقد أكثر من شريك أو جميع الشركاء مع الغير كان لهذا الأخير الرجوع عليهم جميعا بالتضامن نظرا لعدم وجود شخصية معنوية للشركة ويعد كل منهم مسئولا بالتضامن في مواجهة الغير لقيامهم بعمل تجاري.
ب- علاقة الشركاء فيما بينهم :
ينظم العلاقة بين الشركاء بعضهم البعض العقد المبرم بينهما، سواء ثم كتابة أو شفاهه ويلزم هذا العقد كل من وقعه أو اتفق بمقتضاه من الشركاء في مواجهة بعضهم البعض. فإذا كان محددا أن كل
شريك يقوم بتقديم حصة ويسأل في حدود معينة تم تطبيق هذا الاتفاق. وإذا تصرف أحد الشركاء في مواجهة الغير فإنه يتعاقد باسمه الشخصي ثم يلتزم بنقل نتائج هذا التصرف إلى جميع الشركاء. ويتحمل كافة الشركاء المحاصين آثار هذا التصرف الذي تم تحقيقا لأغراض الشركة.
وللشريك الذي يتعامل مع الغير دعوى مباشرة ضد باقي الشركاء عما يكون قد تحمله نتيجة تعاقده وقيامه بهذا التصرف، ذلك أنه يتصرف في حقيقة الأمر لحسابهم جميعا وفقا لعقد الشركة.
ولكل شريك من الشركاء المحاصين حق الاطلاع على دفاتر الشركة ومستنداتها ووثائقها سواء بنفسه أو
بوكيل من أحد الشركاء أو الغير. على أن استعمال هذا الحق يكون وفقا للقواعد العامة، أي يشترط ألا يترتب على استعمال هذا الحق ضرر للشركة وهذا الحق من النظام العام لا يجوز الاتفاق على حرمان أي من الشركاء منه. هذا وتصدر قرارات الشركاء وتعديل عقدها بإجماع الشركاء أسوة بشركات التضامن ما لم يتفق على أغلبية عددية أو مالية معينة.
ويتم توزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء المحاصين وفقا للاتفاق المبرم بينهم، وعند عدم الاتفاق، يكون لكل منهم نصيب بقدر حصته، وإذا اتفق على نصيب كل شريك في الأرباح دون الخسائر قسمت هذه الأخيرة بنفس النسبة المتفق عليها في الأرباح وللشريك بالعمل نصيب في الأرباح يقدر على أساس حصته وهي ما عاد على الشركة من منفعة.
ويسأل كل شريك عن خسائر الشركة في كل أمواله نظرا للمسئولية غير المحدودة والتضامنية للشركاء في شركات المحاصة، ما لم يتفق في عقد الشركة على المسئولية المحدودة. ويعد هذا الشرط صحيحا لأنه ليس شرط أسد، ويعتبر الشريك المحاص في هذه الحالة كالشريك الموصي في شركة التوصية، وتسمى الشركة شركة محاصة بالتوصية وتعتبر كأنها شركة توصية خفية مع فارق هام هو عدم إمكان الدائن رفع دعوى مباشرة للمطالبة بحصة الشريك المحاص.
رقابة أعمال المدير:
إذا كان متفقا على تعيين أحد الشركاء ليقوم بأعمال الإدارة، فإنه يمتنع على بقية الشركاء المحاصين القيام بأعمال الإدارة الخارجية. على أن هذا لا يمنع كل شريك من مباشرة الإدارة الداخلية ومراقبة أعمال
المدير المحاص، فلكل شريك الحق في الاطلاع على الدفاتر ومناقشة سير العمل بالشركة وإبداء النصح والإرشاد كما سبق القول. ولعل حق الشريك في الإدارة الداخلية هو الذي يميز عقد شركة المحاصة عن عقد القرض أو عقد العمل المتضمن المشاركة في الأرباح. فالشريك المحاص يتقاضى أرباحا تختلف
نسبتها حسب ما تحققه الشركة من أرباح ولا يسترد حصته إلا في نهاية الشركة وبشرط تحقيق الشركة نجاحا كافيا لسداد ديونها، أما المقرض فهو يتقاضى فائدة غالبا ما تكون ثابتة ويسترد رأس المال بأكمله أيا كانت نتيجة العمليات التجارية وفي الموعد المحدد لذلك.
كذلك الحال بالنسبة لعقد العمل مع المشاركة في الأرباح حيث يتقاضى العامل أجرا نتيجة عمله بالشركة أيا كانت وسيلة تحديد هذا لأجر، أي سواء حدد هذا الأجر بمبلغ ثابت أو على أساس نسبة معينة في الأرباح. إذ ليس للعامل في جميع هذه الحالات حق الإشراف أو الرقابة على تصرفات رب العمل ذلك أنه يخضع
دائما لسلطة وتوجيهات رب العمل وهو ما يطلق عليه علاقة التبعية. على أن ذلك لا يمنع العامل من حقه في مراجعة حسابات الشركة للتأكد من صحة نصيبه في الأرباح المتفق على أنها تمثل الأجر أو جزءا منه.
هذا ويجوز عزل المدير المحاص أو اعتزاله وفقا للأحكام السابق ذكرها في خصوص شركة التضامن.
فقد شركة المحاصة لصفة الاستتار :
تظل شركة المحاصة مستترة في مواجهة الغير إذا ما حافظ الشركاء على عدم إظهار وجودها. بمعنى أنه إذا كان مدير المحاصة أو أحد الشركاء يتعامل باسمه الشخصي، وكان التعاقد لحسابه الخاص، ظلت الشركة غير موجودة بالنسبة للغير من الناحية القانونية ولو كان الغير يعلم بارتباط هؤلاء الشركاء في شركة.
أما إذا صدر من أحد الشركاء في شركة المحاصة ما من شأنه إعلام الغير بوجودها وإبرازها كشخص معنوي مستقل، كما إذا تعاقد باسم الشركة أو قام بكتابة عقدها أمام جهة من جهات التوثيق كعقد رسمي أو صدر من الشركاء عمل يدل على وجود شركة، فقدت شركة المحاصة صفتها المستترة واعتبرت
شركة تضامن فعلية لم تستوف شروطها الشكلية. وفي هذه الحالة تثبت لها الشخصية المعنوية وحق للغير في رفع الدعاوى على جميع الشركاء بالتضامن وفي أموالهم الخاصة ومطالبتهم مباشرة بما على الشركة من التزامات، ذلك أنه يجوز للغير أن يتمسك دائما بوجود الشركة ولو لم تستوف إجراءات الشهر والعلانية كما سبق القول.
معيار فقد شركة المحاصة لصفة الاستتار :
يثور التساؤل عن المعيار الذي يمكن على أساسه اعتبار شركة المحاصة شركة تضامن فعلية نتيجة فقدها لصفة الاستتار، أو بعبارة أخرى ما هي الحالات التي يمكن فيها اعتبار شركة المحاصة موجودة في مواجهة الغير كشخص معنوي مستقل عن شخصية الشركاء فيها.
الواقع أنه لا وجود لمعيار محدد في هذا الخصوص، فالقاضي له مطلق الحرية في تقدير التصرفات التي يترتب عليها اعتبار شركة المحاصة شركة تضامن فعلية. فالقاضي هو الذي يقدر مدى اعتبار التصرف كاشفا لصفة الاستتار ومعلنا لوجود شركة في مواجهة الغير. فقد لا يعتبر تصرف ما أجراه اثنين من
الشركاء وموقعا عليه منهما، كافيا لاعتبار الشركة قائمة في مواجهة الغير، ويعتبر كل منهما مسئولا بالتضامن في هذا التصرف. وعلى العكس قد يعتبر توقيع جميع الشركاء لتصرف ما أو التوقيع باسم الشركة التجاري أو باسم أحد الشركاء لتصرف ما، باسم أحد الشركاء مع إضافة عبارة وشركاه كافيا لإبراز
وجود الشركة في مواجهة الغير. وغالبا ما يشترط القضاء في هذه الحالات علم جميع الشركاء بهذا التوقيع أو اظهارهم هذه الرغبة أمام الغير بل ويشترط القضاء أيضا في مثل هذه الحالات أن يثبت الغير أن الشركاء قصدوا إبراز وجود الشركة وكشف النقاب عنها وذلك مثل توزيع نشرة أو إعلان عن الشركة أو
استعمالهم عنوانا تجاريا أو إظهار أسماء الشركاء فيها من حين لآخر.
ويعتبر القضاء مستقرا على أن مجرد الكشف عن أسماء الشركاء أو أحدهم من المدير المحاص لا يكفي لفقد الشركة صفتها المستمرة في مواجهة الغير، كما أنها تظل مستترة إذا تعاقد أحد الشركاء المحاصين كمدير المحاصة مع الغير طالما لم يفصح عن صفته كشريك.
وفي حكم آخر لمحكمة النقض الفرنسية بجلسة ٢٦ نوفمبر ١٩٩٦ قضت بأن كل شريك بشركة المحاصة يتعاقد باسمه الشخصي ويكون ملزماً أمام الغير بنفسه، إلا إذا ظهر الشركاء في شركة المحاصة أو ترك للغير الاعتقاد أنهما يتعاملوا بصفتهم شركاء.
كما حكم بأن الشركاء في شركة المحاصة الذين تعاملوا مع الغير بهذه الصفة، يجوز أن يرجع الدائنون على أي من الشركاء الذين ظهروا بهذا المظهر.
وكان قانون الشركات الفرنسي ٣٨٥ لسنة ١٩٦٦ يشترط لاعتبار شركة المحاصة شركة تضامن فعلية أن يتم توقيع المدير الشريك بعنوان الشركة وأسماء باقي الشركاء، بناء على علم من الشركاء وبموافقتهم. وكانت تنص المادة ٤٢١ شركات على أن كل شريك محاص يتعاقد مع الغير باسمه الشخصي يلتزم دون
باقي الشركاء حتى ولو كشف النقاب عن أسماء الشركاء معه طالما لم يوافقوا على ذلك.
وبعد التعديل الشامل للشركات المدنية في 4 يناير ۱۹۷۸ وقانون ٣ يوليو ۱۹۷۸، وفق المشرع الفرنسي بين الواقع والقانون حيث كان يظهر غالبا في أشهر الصحف وسائل إعلان عن شركات محاصة وتصدر
إعلانات وتنبيه من لجنة عمليات البورصة خاصة بحصص شركاء في شركات محاصة ورغم أن مثل هذه الإعلانات أمام الكافة تحول الشركة المحاصة إلى شركة واقع، فإنه مع ذلك لم يكن يلجأ أحد بطلب توقيع هذا الجزاء على مثل هذه الشركات المحاصة نظرا لشهرتها ومركزها المالي. ولكن بعد تعديل ۱۹۷۸ تعتبر
القاعدة بنص القانون هي أن شركة المحاصة شركة سرية وخفية (المادة ۱۸۷۲ – ١/٢)، والنتيجة الوحيدة هي أن الشركاء الذين تصرفوا بإرادتهم بصفتهم شركاء تحت سمع وبصر الغير، يعتبروا مسئولين مسئولية شخصية عن ديون أي شريك منهم تعاقد بهذه الصفة، كما يسألوا بالتضامن أيضا إذا كان موضوع نشاط الشركة تجاريا.
انقضاء شركة المحاصة
تنقضي شركة المحاصة كبقية الشركات التجارية بأحد الأسباب العامة لانقضاء الشركات، كما تنقضي بأحد أسباب الانقضاء الخاصة بوصفها شركة أشخاص.
على أن شركة المحاصة تختلف عن سائر الشركات التجارية من حيث آثار الانقضاء (وهي التصفية والقسمة).
وهذا الاختلاف أساسه في الواقع الطبيعة المستترة لهذا النوع من الشركات، في عدم وجود لشخص معنوي، ولا ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء. ولذلك تتمثل التصفية في مجرد تقديم حساب من المدير المحاص (ومن كل شريك)، عما قام به من أعمال لحساب الشركة، ويتم مراجعة هذه الحسابات
بواسطة جميع الشركاء ويتم استخراج المصاريف والأرباح والخسائر. وقضت محكمة النقض بأن التصفية لا ترد على شركة المحاصة لأنها لا تتمتع بالشخصية المعنوية وليس لها رأسمال وفقا لما نصت عليه المادة ٥٩ من قانون التجارة وانما تنتهي هذه الشركة بإتمام المحاسبة لتعيين نصيب كل منهم في الربح والخسارة.
ويمكن من الناحية العملية تعيين مصف لهذه الشركة. وينحصر عمله في هذه الحالة في القيام بالأعمال التي تتناسب مع طبيعة هذه الشركة المستترة، فهو ينظم العلاقة بين الشركاء بعضهم البعض، ويرجع على أي منهم بالحقوق التي للشركة كما يمكنه مطالبة الغير نيابة عن المدير المحاص بوصفه وكيلا عنه،
وليس وكيلا عن الشركة. ويمكن للمصفى الرجوع على أي شخص تعامل مع أحد الشركاء بوصفه وكيلا عن أي منهم. وليس بوصفه ممثلا لشخص معنوي هو الشركة. وللغير الرجوع على المدير المحاص أو
الشريك الذي يتعامل معه مباشرة، كما يمكنه الرجوع على المصفى بوصفه وكيلا عن المدير المحاص أو الشريك الذي تعامل معه وليس بوصفه ممثلا لشركة تحت التصفية.
وعلى مدير المحاصة رد الحصص التي قدمها الشركاء إذا ما حققت الشركة أرباحا وظلت الحصص كما هي، إذ الغالب أن تسوية الحساب لا تؤدى إلى بيع موجودات الشركة الأصلية فإذا كانت الحصة عينية فهي تظل على ملك صاحبها الشريك ترد إليه فى نهاية الشركة. أما إذا كانت الحصة قابلة للاستهلاك كالنقود
فإن صاحبها يعتبر دائنا بقدر هذا المبلغ ويسترده عند انقضاء الشركة.
ويلاحظ في هذا الخصوص، أن حق كل شريك في استرداد مبلغه في شركة المحاصة يختلف عن حق أي شريك في الشركات الأخرى. فهذا الأخير يعتبر دائنا لشخص معنوي أثناء التصفية، إنما في شركة
المحاصة فهو دائن لمن تسلم الأموال الذي هو غالبا المدير المحاص، وبالتالي يدخل قسمة غرماء مع باقي دائني المدير. أما إذا كانت حصة الشريك عينية وباقية كما هي فإنه يتسلمها بذاتها لأنه دائما المالك.
وفى حالة الاتفاق على اعتبار الحصص ملكا على الشيوع فيما بين الشركاء، فإن موجودات الشركة تقسم بينهم بنسبة حصة كل منهم أو تقسيم قيمتها بعد بيعها. وعلى المصفى أن يقسم ما زاد عن موجودات الشركة، في حالة تحقيق الشركة للأرباح، بوصفه ربحا.
وإذا فرض وتحمل أحد الشركاء في مواجهة الغير مبالغ تفوق حصته كان له الرجوع على باقي الشركاء دون تضامن بينهم.