تصفية الشركة
تعتبر تصفية الشركة واحدة من العمليات الجوهرية والحاسمة في حياة أي كيان تجاري، حيث تعكس نهاية دورة حياة الشركة نتيجة لعدة أسباب قد تكون إرادية أو قسرية. يُشير مفهوم تصفية الشركة إلى عملية قانونية وإدارية تهدف إلى إنهاء وجود الشركة من الناحية القانونية، من خلال تصفية جميع أصولها وسداد ديونها قبل توزيع المتبقي بين المساهمين أو الشركاء. سواء كان السبب وراء تصفية الشركة هو تحقيق الأهداف المخططة، أو التوقف عن العمل بسبب الخسائر، أو حتى بناءً على قرار قضائي، فإن هذا الإجراء يتطلب دقة وتخطيطاً متقناً.
إن تصفية الشركة ليست مجرد إجراء بسيط، بل هي عملية متعددة المراحل تشمل مجموعة واسعة من الخطوات القانونية والتنظيمية التي تهدف إلى ضمان حقوق الأطراف المعنية، سواء كانوا شركاء أو موظفين أو دائنين. يتم خلال تصفية الشركة جمع أصول الشركة وتقييمها، ومن ثم بيعها لتسديد الالتزامات المالية المستحقة على الشركة. بعد ذلك، يتم توزيع الفائض (إن وجد) بين المساهمين بناءً على النسب المتفق عليها أو وفقاً للقانون.
تتعدد الأسباب التي قد تدفع الشركات إلى اتخاذ قرار تصفية الشركة، مثل انخفاض الأرباح بشكل كبير، وجود مشكلات مالية مستمرة، أو حتى تغير الظروف الاقتصادية المحيطة بالشركة. في بعض الحالات، قد تكون تصفية الشركة خطوة استراتيجية لإعادة هيكلة الأعمال أو نقل الموارد إلى مشروع آخر أكثر نجاحاً. ومع ذلك، يظل الهدف الأساسي من تصفية الشركة هو إنهاء الأعمال بشكل قانوني ومنظم، بما يضمن حقوق كافة الأطراف.
من الناحية القانونية، تخضع عملية تصفية الشركة لعدة قوانين ولوائح تختلف من دولة إلى أخرى، ولكنها تشترك في أنها تهدف إلى تحقيق العدالة وضمان الشفافية في إنهاء أعمال الشركة. قد تشمل العملية تعيين مصفٍ قانوني يتولى إدارة كافة الجوانب المتعلقة بـ تصفية الشركة، مثل تحصيل الديون، وبيع الأصول، وسداد الالتزامات.
في هذه المقالة، سنناقش بالتفصيل كل ما يتعلق بموضوع تصفية الشركة، بما في ذلك الأسباب التي قد تدفع إلى اتخاذ هذا القرار، والإجراءات القانونية اللازمة، والتحديات التي قد تواجه الشركات خلال هذه العملية. كما سنتناول النصائح العملية التي يمكن أن تساعدك على إدارة تصفية الشركة بفعالية ونجاح.
إن فهمك الكامل لمفهوم وإجراءات تصفية الشركة يمكن أن يساهم في اتخاذ قرارات مدروسة تضمن إنهاء العمل بشكل قانوني ومنظم، مع تقليل الخسائر وضمان حقوق جميع الأطراف المعنية.
ماذا يعني تصفية الشركة ؟
يقصد بـ تصفية الشركة مجموع الأعمال التي من شأنها تحديد حقوق الشركة قبل الشركاء وقبل الغير للمطالبة بها، وكذلك ديونها قبل الغير. وإذا ما نتج عن هذه العمليات بقاء موجودات بالشركة فإن مهمة المصفى، تحديد هذه الموجودات وتحويلها إلى مبالغ نقدية تمهيدا لقسمتها بين الشركاء.
وقضت محكمة النقض أن تصفية الشركة هى كافة العمليات اللازمة لتحديد صافي أموالها الذي يوزع بين الشركاء بطريق القسمة بعد استيفاء الحقوق وسداد الديون وبيع مال الشركة منقولا أو عقارا.
وتعتبر الشركة في حالة تصفية بقوة القانون بعد انقضائها، أي بعد حل الشركة، أيا كان سبب الحل
وتضمن قانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ۱٩٨١ نصا يقضى بأن تعتبر كل شركة بعد حلها في حالة تصفية.
حيث تنص المادة (١٣٧/١) المستبدلة بالقانون رقم (٤) لسنة ۲۰۱۸ على أن: تعتبر فى حالة تصفية كل شركة بعد حلها أو انتهاء مدتها أو انقضائها لأي سبب غير الاندماج أو التقسيم، وتتم التصفية طبقا لأحكام هذا القانون ونظام الشركة أو عقدها.
ولكن لا تنتج تصفية الشركة أثرها في مواجهة الغير إلا من تاريخ إعلان ذلك بالوسيلة القانونية التي يتطلبها المشرع مثل القيد بالسجل التجاري وتضمن قانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ۱۹۸۱ بشأن شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة وشركة الشخص الواحد، هذا الحكم
ونص في المادة (١٤٠) منه على أن يشهر اسم المصفى واتفاق الشركاء بشأن طريقة التصفية أو الحكم الصادر بذلك في السجل التجاري وفي صحيفة الشركات ويقوم المصفى بمتابعة إجراءات الشهر. وتقضى الفقرة الثانية من ذات المادة بأنه لا يحتج قبل الغير بتعيين المصفى ولا بطريقة التصفية إلا من تاريخ الشهر في السجل التجاري.
هذا ويعتبر الحكم بـ تصفية الشركة حكما منهياً للخصومة يجوز الطعن عليه بالاستئناف.
الشخصية المعنوية للشركة تحت التصفية
لما كانت عملية تصفية الشركة تقتضي إجراء بعض التصرفات القانونية كالمطالبة بحقوق الشركة قبل الغير أو مطالبتها بالديون التي عليها، فإن التشريعات تجيز استمرار شخصية الشركة الاعتبارية حتى تنتهي أعمال التصفية.
ذلك أن الشركة على خلاف الشخص الطبيعي لا يترتب على انقضائها تملك الشركاء أموالها على الشيوع. فالشركة لا تختفي كلية بمجرد حلها، بل تبقى كشخص معنوي طوال المدة اللازمة لأعمال التصفية.
ولذلك تستمر شخصيتها المعنوية حتى الانتهاء كلية من أعمال تصفية الشركة.
وفي ذلك تنص المادة (٥٣٣) مدني على أنه تنتهي عند حل الشركة سلطة المديرين أما شخصية الشركة فتبقى بالقدر اللازم للتصفية والى أن تنتهى هذه التصفية.
كما تقرر المادة (۱۳۸) من قانون الشركات رقم ١٥٩/١٩٨١ بشأن شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة وشركة الشخص الواحد، أن الشركة تحتفظ خلال مدة التصفية بالشخصية
الاعتبارية بالقدر اللازم لأعمال التصفية. ويضاف إلى اسم الشركة خلال التصفية عبارة تحت التصفية» وتبقى هيئات الشركة قائمة خلال مدة التصفية، وتقتصر سلطاتها على الأعمال التي لا تدخل في اختصاص المصفين.
ومفاد ذلك أن سلطة الجمعية العامة للشركة سلطة محدودة خلال فترة تصفية الشركة ذلك أنها مقيدة بإصدار قرارات تتعلق فقط بأغراض تصفية الشركة، فلا يحق لها اتخاذ قرارات بالموافقة على أنشطة جديدة للشركة أو عقود باسمها.
وفي هذا الخصوص قضت محكمة القضاء الإدارى بأنه إذا قررت الجمعية العمومية غير العادية للشركة حلها وتصفيتها وتعيين مصفيين لها وقد باشر هؤلاء المصفون أعمالهم فليس لها بعد ذلك أن تعدل عن قرار الحل وتقرر استئناف الشركة لأعمالها، ولا حجة فيما ذكرته المادة ٦١ من عقد الشركة من أن
سلطة الجمعية العمومية للشركة تبقى قائمة طوال مدة التصفية إذ أن هذه السلطة إنما تقوم المراقبة عملية التصفية وأعمال المصفيين وذلك مع مراعاة ما سبق ذكره من جواز اتخاذ قرار باندماج الشركة خلال فترة تصفية الشركة طبقا لحكم المادة (١٣٨/٢) شركات.
وتطبيقا لذلك حكم بأن أموال الشركة تظل مملوكة لها أثناء التصفية لا ملكا شائعا بين الشركاء، ومن ثم فلا يجوز للشركاء ترتيب رهن رسمي على حصصهم كما لا يجوز لهم المطالبة باسترداد حصصهم في رأس المال قبل إجراء التصفية لأن هذه التصفية هي التي تحدد صافي رأس مال الشركة الذى يجوز
قسمته بين الشركاء وقضت محكمة النقض المصرية أنه في أحوال التصفية لا يبدأ توقف المنشأة من تاريخ بدأ التصفية ولكن من تاريخ انتهائها وبذلك فإن التصفية تكون فترة عمل يباشر فيها الممول نشاطه الخاضع للضريبة وتعد عمليات التصفية استمرارا لهذا النشاط من عمليات المزاولة العادية
كما حكمت محكمة النقض الفرنسية في كثير من أحكامها باستمرار شخصية الشركة بالقدر اللازم لتصفيتها كما لا يجوز لدائني الشركاء الشخصيين مزاحمة دائني الشركة في التنفيذ على أموالها خلال فترة التصفية لوجود شخصية الشركة خلال هذه الفترة والتي تظل مالكة لرأس مال الشركة الذي هو الضمان العام للدائنين.
وقضت محكمة النقض المصرية بجلسة ٢٥ فبراير لسنة ٢٠١٣ بنقض حكم محكمة الاستئناف على سند أن الشركات الأشخاص سواء كانت شركة تضامن أو توصية بسيطة شخصية معنوية مستقلة عن أشخاص الشركات فيها، وهو ما يستتبع معه انفصال ذمتهم وتكون أموالها مستقلة عن أموالهم وتعتبر
ضمانا عاما لدائنيها وحدهم بما لا يجوز لدائني الشركاء التنفيذ على أموال الشركة لاستيفاء ديونهم الخاصة بالشركاء، ويقتصر حفهم على ما يدخل ذمة الشركاء من أموال تحصصهم في الأرباح أو نصيبهم مما تبقى من أموالها بعد التصفية إذا ما تعرضت لها أثر إفلاس أحد الشركاء – ما لم يكن هناك اتفاق بين الشركاء على خلاف ذلك – باعتبارها جزءا من روكية المفلس بعد استقرار التصفية.
لتصفية شركتك بسهولة وبدون اي تعقيدات لا تتردد في التواصل مع مكتب الاستاذ / سعد فتحي سعد المحامى مؤسس منصة المحامي الرقمية علي الرقم التالي :
📞 01211171704
عنوان المكتب : 183 شارع التحرير عمارة ستراند باب اللوق وسط البلد / القاهرة / مصر
النتائج التي تترتب على استمرار شخصية الشركة
أ- تحتفظ الشركة باسمها وعنوانها طوال فترة التصفية كذلك تسميتها المبتكرة إذا وجدت وترفع الدعاوى على الشركة ومنها بواسطة المصفى باسم الشركة الأصلي المسجلة به في السجل التجاري على أنه يجب إضافة عبارة شركة تحت التصفية إلى جوار اسم الشركة، وفي جميع مكاتباتها وفواتيرها والا تعرض المصفى للمسئولية عما قد يترتب على ذلك من أضرار بالغة.
ب – تحتفظ الشركة بمقرها وجنسيتها فيجب على المديرين والمصفين البقاء بذات مقر الشركة، فهي تعلن وتخاطب في هذا المقر والا كان باطلا كل إعلان يتم فى غير هذا الموطن ولا يحتج به في مواجهة المصفى كما تحتفظ بجنسيتها التي كانت لها أثناء حياتها.
ج – تظل ذمة الشركة المالية للشركة تحت التصفية، لأن الشركة على خلاف الشخص الطبيعي لا يترتب على حلها انتقال أموالها إلى الشركاء على الشيوع كما سبق القول. ويترتب على ذلك أن ذمتها المالية تظل تمثل الضمان العام لدائني الشركة.
فهؤلاء يفضلون على دائني الشركاء أنفسهم في استيفاء ديونهم كما يفضلون على الشركاء كما سبق القول. وتظل لدائني الشركة الأفضلية على الدائنين الشخصيين للشركاء سواء الممتازين أو العاديين ولو كانت تصفية الشركة بصفة ودية.
كما لا تجوز المقاصة بين حقوق دائني الشركة وديون الشريك أو العكس، كما لا يكون لورثة الشريك أي حق على مال الشركة في حالة وفاة الشريك. وعلى العكس فالمقاصة جائزة بين ديون على الغير وحقوقه قبل الشركة.
د – إذا توقفت الشركة عن دفع ديونها خلال فترة التصفية جاز طلب شهر إفلاسها.
هذا ويلاحظ أنه بعد قفل التصفية وانتهائها فإن لدائني الشركة في شركات الأشخاص دعاوى شخصية
ضد الشركاء إذا لم تكف أصول الشركة لسداد ديونها، حيث يضمن الشريك ديون الشركة في كل أمواله ويجوز لدائني الشركة تتبع أموالهم الخاصة ومزاحمة دائنيهم الشخصيين. أما في شركات الأموال فلا
يظهر حق دائني الشركة بعد التصفية إلا فيما قسم على الشركاء من فائض التصفية لأن موجودات الشركة هي جزء من ضمان الدائنين على الأقل إذا كانت معينة في ذمة الشركاء.
تعيين المصفى عند تصفية الشركة
وفقا للمادة (٥٣٤) مدني يقوم بالتصفية عند الاقتضاء، إما جميع الشركاء، وأما مصف واحد أو أكثر تعينهم أغلبية الشركاء. وإذا لم يتفق الشركاء على تعين المصفى تولى القاضي تعيينه بناء على طلب أحدهم. وفي
الحالات التي تكون فيها الشركة باطلة تعين المحكمة المصفى، وتحدد طريقة التصفية بناء على طلب كل ذي شأن وحتى يتم تعيين المصفى يعتبر المديرون بالنسبة للغير في حكم المصفيين.
ونظم قانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ٨١ بالنسبة للشركات الخاضعة لنطاقه تعيين المصفى فقرر بالمادة (١٣٩) منه على أن تعين الجمعية العامة مصف أو أكثر وتحدد أتعابهم، ويكون تعيين المصفى من بين المساهمين أو الشركاء أو غيرهم.
وفى حالة صدور حكم بحل الشركة أو بطلانها تبين المحكمة طريقة التصفية كما تعين المصفى وتحدد أتعابه. وتقضى المادة (١٤٦) من ذات القانون بأنه إذا تعدد المصفون فلا تكون تصرفاتهم صحيحة إلا إذا تمت بموافقتهم الاجتماعية، ما لم يشترط خلاف ذلك في وثيقة تعيينهم ولا يحتج بهذا الشرط قبل الغير
إلا من تاريخ شهره في السجل التجاري. وينطبق حكم هذا النص على جميع الشركات التجارية كما سبق القول حيث يضع مبدأ عاما في أحكام تصفية الشركات التجارية.
ويترتب على حل الشركة ودخولها دور التصفية انتهاء سلطة المديرين تطبيقا لنص المادة (٥٣٣) مدني، وبالتالي تزول صفتهم في تمثيل الشركة ويصبح المصفى الذي يعين للقيام بالتصفية وكذلك في جميع
الدعاوى التي ترفع من الشركة أو عليها. وتنص المادة (١٤٥/٣) شركات على ذلك صراحة حيث تقضى بأن المصفى يقوم بتمثيل الشركة أمام القضاء وقبول الصلح والتحكيم.
وقضت محكمة النقض بأن اختصام الطاعن أمام محكمة الاستئناف بذات الصفة التي كان يمثل بها الشركة أمام محكمة أول درجة حتى أصدرت حكمها، وأن عدم تنبيهه أثناء نظر الاستئناف للمحكمة بزوال هذه الصفة عنه بتعيين مصف للشركة أثره إسقاط حقه في التمسك ببطلان إجراءات نظر الاستئناف.
وجاء بحيثيات الحكم أنه إذا كان الثابت من الأوراق ان الطاعن كان يمثل الشركة أثناء نظر الدعوى أمام محكمة أول درجة حتى أصدرت حكمها واختصم في الاستئناف بصفته ممثلا لها وظل يباشر إجراءاته بعد حل الشركة دون أن ينبه إلى زوال صفته وتعيين مصف لها فإن إجراءات نظر الاستئناف تكون قد تمت صحيحة بعد أن أسقط حقه في التمسك ببطلانها.
كما حكم أنه من المقرر أنه ولئن كانت الشخصية المعنوية للشركة تظل لها خلال فترة التصفية وبالقدر اللازم بها، فيتعين أن توجه دعوى أحدهم للمطالبة بأرباحه إلى من يمثلها – دون الشركاء القائمين بالإدارة بصفتهم الشخصية – أو على المصفى خلال فترة التصفية. كما قضت محكمة النقض بأنه إذا كان الطعن
قد رفع من عضو مجلس الإدارة المنتدب بصفته ممثلا للشركة وذلك بعد حلها وتعيين المصفى فإنه يكون غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة ولا يغير من هذا أن يكون الطعن قد رفع بإذن من المصفى طالما أنه لم يرفع باسمه بصفته ممثلا للشركة.
وإذا كان حل الشركة وتعيين مصف لها أثره زوال صفة مديرها في تمثيلها واعتبار المصفى صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء قصد به حماية حقوق الشركاء، فإن صفة مدير الشركة محل التصفية في تمثيلها أمام القضاء تتحقق في حالة اتخاذه إجراءات تحفظية من شأنها إفادة الشركاء واختصامه المصفى
صاحب الصفة الذى لم يقم بهذا الإجراء التحفظي، وفي هذا الخصوص قضت محكمة النقض أن «حل الشركة وتعيين مصف لها يترتب عليه زوال صفة المدير في تمثيلها وصيرورة المصفى صاحب الصفة في تمثيلها أمام القضاء لحماية حقوق الشركاء، إلا أن العلة تنتفى إذا ما قام المدير بعد زوال صفته باتخاذ إجراءات تحفظية .
أثناء قيام المصفى بالتصفية – من شأنها إفادة الشركاء في الشركة لا يترتب عليها المساس بحقوقهم ومنها الطعن في الأحكام الصادرة ضد الشركة المقضي بتصفيتها مادام قد اختصم المصفى صاحب الصفة الذي لم يتخذ مثل هذا الإجراء، لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن قد أقام الطعن الماثل
مختصما المصفى القضائي وآخرين بغية إلغاء الحكم المطعون فيه الذي أبطل حكم التحكيم الصادر لصالح الشركة محل التصفية ومن ثم فإن ذلك يدخل في نطاق الإجراءات التحفظية التي يفيد منها باقي الشركاء لما يمكن أن يترتب عليها من زيادة أموال الشركة تحت التصفية».
ولما كان من يمثل الشركة خلال فترة التصفية هو المصفى المعين لذلك دون الشركاء فإن وفاة أحد الشركاء لا يترتب عليه إيقاف الدعاوى المنظورة في مواجهة المصفى المعين بحجة إدخال ورثة الشريك المتوفى.
وقد تضمن قانون الشركات ١٥٩/١٩٨١ حكما في هذا الخصوص بالنسبة للشركات الخاضعة لنطاقه هو عدم انتهاء عمل المصفى بوفاة الشركاء أو شهر إفلاسهم أو إعسارهم أو بالحجر عليهم ولو كان معينا من قبلهم (م١٣٩/٣). وينطبق هذا الحكم أيضا على شركات الأشخاص التجارية.
شهر التصفية عند تصفية الشركة
يجب شهر اسم المصفى واتفاق الشركاء بشأن طريقة التصفية أو الحكم الصادر بذلك في السجل التجاري وفى صحيفة الشركات ويقوم المصفى بمتابعة إجراءات الشهر. ولا يحتج قبل الغير بتعين المصفى ولا بطريقة التصفية إلا من تاريخ الشهر في السجل التجاري.
وقد نص قانون الشركات على هذه الأحكام صراحة فيما يتعلق بالشركات الخاضعة لنطاقة (م ١٤٠) ونرى انطباق حكم هذا النص على شركات الأشخاص التجارية حيث يتفق والأحكام العامة في شهر بيانات الشركات ومدى الاحتجاج بها في مواجهة الغير.
وحكم بأنه لما كانت المادة (٥٨) من قانون التجارة قد أوجبت شهر انقضاء عقد شركة التضامن إذا حدث ذلك قبل انتهاء مدتها المعينة في عقد تأسيسها ويقع واجب الشهر على عاتق مديرها أو أي شريك متضامن في حالة عدم تعيين المدير في العقد أو بمقتضى اتفاق لاحق، فإذا تخلفت في شخص ممثليها
عن إجرائه لتضع حدا لمسئوليتها قبل الغير فإن ذلك يعد منها تقصيرا لا يفيدها في التخلص من التزاماتها نحوه طالما كان توقيع مديرها أو من يمثلها على العقد بعنوانها.
مهمة المصفى عند تصفية الشركة
تنحصر مهمة المصفى فى مطالبة الشركاء بالباقي من حصصهم إذا اقتضت ذلك أعمال التصفية وبشرط مراعاة المساواة بينهم للشركات الخاضعة لأحكامه حيث تقضى بذلك المادة (١٤٣) بأن على المصفى أن يقوم بجميع ما يلزم للمحافظة على أموال الشركة وحقوقها.
وعليه أن يستوفى ما للشركة من حقوق لدى الغير، ومع ذلك لا يجوز مطالبة الشركاء بالباقي من حصصهم، إلا إذا اقتضت ذلك أعمال التصفية ويشرط مراعاة المساواة بينهم.
وتضيف هذه المادة أنه على المصفى أن يودع المبالغ التي يقبضها في أحد البنوك لحساب الشركة تحت التصفية خلال أربع وعشرين ساعة من وقت القبض. وإذا لم يحل أجل الديون التي على الشركة فلا يملك المصفى إجبار الدائنين على الوفاء بها وإن كان له فيما نرى التنازل للدائنين عن مقابل السداد قبل الميعاد
إذا كان ذلك في مصلحة الشركة تحت التصفية خاصة إذا كان على الشركة الوفاء بديون حل أجلها.
ويلزم المصفى بالوفاء بما على الشركة من الديون على أنه لا يلزم بالوفاء إلا بالديون التي حلت آجالها حيث لا يترتب على التصفية على خلاف إفلاس الشركة حلول أجل الديون التى على المفلس كما يلزم المصفى باستنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون المتنازع عليها قبل إجراء القسمة.
وتلزم المادة (١٤٢/١) من قانون الشركات رقم ١٥٩/٨١ المصفى بأن يقوم فور تعيينه وبالاتفاق مع مجلس الإدارة أو المديرين بجرد ما للشركة من أموال وما عليها من التزامات، وأن يحرر قائمة مفصلة بذلك
وميزانية ويوقعها مع المديرين وأعضاء مجلس الإدارة. وعلى مجلس الإدارة أو المديرين تقديم حساباتهم للمصفى ويسلمونه أموال الشركة ودفاترها ووثائقها (م ١٤٢/٢) كما يلزم المصفى بمسك دفتر لقيد
الأعمال المتعلقة بالتصفية ويتبع في مسك هذا الدفتر أحكام قانون الدفاتر التجارية (م١٤٢/٣) ويقوم المصفى بجميع الأعمال التي تقضيها التصفية مع المحافظة على أموال الشركة وحقوقها. ويجوز للمصفى أن يبيع مال الشركة منقولا أو عقارا بالمزاد أو بالممارسة ما لم يقيد أمر تعينه من سلطاته (م ٥٣٥/١١ مدني).
وتقرر ذات الحكم المادة (١٤٥) من قانون الشركات رقم ١٥٩/١٩٨١بالنسبة للشركات الخاضعة لنطاقه حيث تقضى بأن يقوم المصفى بجميع الأعمال التي تقتضيها التصفية وعلى وجه الخصوص وفاء ما على الشركة من ديون وبيع مالها منقولا أو عقارا بالمزاد العلني أو بأية طريقة أخرى ما لم ينص في وثيقة تعيينه على إجراء البيع بطريقة معينة.
هذا وتقدر قيمة موجودات الشركة وما قد يطرأ من نماء يكون مرهونا بوقت التصفية وليس بوقت حدوث السبب الموجب للحل أو التصفية، ويسير قضاء النقض على ذلك. ولكن يحظر على المصفى أن يبيع موجودات الشركة جملة إلا بإذن من الجمعية العامة أو جماعة الشركاء على حسب الأحوال (م ١٤٤/٢) ولا
شك من تطبيق حكم هذا النص على شركات الأشخاص التجارية. ويأخذ التشريع الفرنسي بحكم خاص في المادة (٣٩٥) شركات هو بطلان التنازل عن جزء أو كل أصول الشركة إلى المصفى ذاته أو أحد موظفيه أو زوجته أو أحد أصوله أو فروعه. وتشترط المادة (٣٩٤) من اللائحة التنفيذية عند بيع جزء أو كل أصول
الشركة إلى أحد موظفي الشركة موافقة اجتماعية للشركاء أو أمر القاضي بعد سماع المصفى أو مراقب الحسابات على مثل هذا التنازل.
وللمصفى أن يطلب من الشركاء الدفاتر والمستندات التي تستخدمها الشركة حتى يحدد عن طريقها ديون وحقوق الشركة قبل الغير. وتقرر هذا الحكم صراحة (١٤٢/٢) من قانون الشركات رقم ١٥٩ سنة ١٩٨١.
ويمتنع على المصفى أو من يقوم مقامه إجراء تصرفات جديدة لا تستلزمها عمليات التصفية مهما كانت هذه التصرفات مربحة للشركة، ذلك أن مهمة المصفى تقتصر على القيام بعمليات التصفية فقط على أنه إذا كان من شأن إجراء تصرف جديد إتمام عملية سابقة على انقضاء الشركة، فهي تكون صحيحة كما إذا كانت الشركة قد ارتبطت بتوريد أو بتسليم منتجات معينة فإنه يجوز للمصفى الاستمرار فى تنفيذ العقد والوفاء بما على الشركة من التزامات خشية الحكم عليها بالتعويضات.
وقد نصت على ذلك المادة (٥٣٥/١) مدني بقولها «ليس للمصفى أن يبدأ أعمالا جديدة للشركة، إلا أن تكون لازمة لإتمام أعمال سابقة». وتقرر ذات المبدأ المادة (١٤٤/١) من قانون الشركات بشأن شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة وشركة الشخص الواحد، فتنص على أنه لا يجوز للمصفى أن يبدأ أعمالا جديدة إلا إذا كانت لازمة لإتمام أعمال سابقة، وإذا قام المصفى بأعمال جديدة لا تقتضيها
التصفية كان مسئولا فى جميع أمواله عن هذه الأعمال، وإذا تعدد المصفون كانوا مسئولين بالتضامن.
وقد حكمت محكمة النقض الفرنسية ببطلان عقد إيجار المحل التجاري الذي أجراه مدير شركة توصية بسيطة منحلة بحجة أنه لا يجوز له بعد إعلان حل الشركة أن يجرى عقد إيجار جديد باسمها. وأكدت المحكمة أنه لا يمكن القول في هذا الخصوص، بأن الإيجار من الإجراءات الضرورية المرحلة التصفية على أن التصفية لا يترتب عليها بالضرورة إلغاء عقود إيجار العقار الخاص بنشاط الشركة التي كانت قائمة قبل التصفية.
وقضت محكمة النقض بأنه إذا كان مفاد الشخصية المعنوية مقصودا به تسهيل عملية التصفية وحفظ حقوق الغير فإن شخصية الشركة لا تبقى إلا لأغراض التصفية، كما يمتنع معه القول بإمكان تغيير الشكل القانوني للشركة أو حلول شريك محل آخر في تلك الفترة .
كما يمتنع على المصفى كلية القيام بأى استغلال خلال فترة التصفية إذا كان سبب حل الشركة عدم مشروعية محلها. وإذا حدد الحكم القضائي للمصفى الأموال الجائز تصفيتها دون غيرها التزم بذلك، فإذا كان الحكم قد قصر تصفية الشركة على المنقول وأرجأ تصفية العقار حتى يفصل نهائيا في النزاع القائم
على أساس ملكية العقار بين الشركة وبين الشركاء فإن المصفى يلزم بذلك وعلى المصفى أن يقدم للشركاء جميع المعلومات التي يطلبونها عن حالة التصفية دون أن يقيموا متعسفين في سبيل التصفية عقبات لا مبرر لها، فيحق لكل شريك طلب الإطلاع على حسابات التصفية والمستندات الدالة عليها وما ترتب على عمليات التصفية من نتائج. على أن حق الشريك في ذلك مقيد بعدم عرقلة أعمال المصفى.
وأوضحت محكمة النقض مهمة المصفى بحكمها الصادر بجلسة ١١/٩/٢٠٠٦، إذ قررت أن يسدد المصفى ما على الشركة من ديون واقتضاء ما لها من الغير وتحديد نصيب كل شريك في ناتج التصفية دون إذن من
الشركاء وجبراً عنهم بقوة القانون، واعتبار ذلك من آثار الحكم بالتصفية ولو لم يتضمنها الحكم الصادر بحل الشركة وتصفيتها وان مؤدى ذلك اعتبار الحكم الأخير منه للخصومة كلها، ولا يغير من ذلك تضمين الدعوى طلب تسليم كل شريك نصيبه أو اعتماد ناتج التصفية.
وجاء بحيثيات الحكم المشار إليه أنه من المقرر أن مقتضى صدور حكم بحل شركة وتصفيتها وتعيين مصف لتصفية أموالها وفقا لنص المادتين ٥٣٣، ٣٣٥ من القانون المدني فإن الشركة تنقضي شخصيتها
القانونية ولا تبقى إلا بالقدر اللازم للتصفية فقط، كما حرص المشرع على النص بأنه ليس للمصفى أن يبدأ أعمالاً جديدة للشركة إلا أن تكون لازمة لإتمام أعمال سابقة وان التصفية تجيز للمصفى بيع موجودات
الشركة سواء لسداد ما على الشركة من ديون أو اقتضاء ما لها من الغير وتحديد نصيب كل شريك في ناتج التصفية بأن يختص كل شريك بمبلغ يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها كما هي مبينة في العقد أو بما يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها إذا لم تبين قيمتها في العقد وذلك طبقاً لما نص عليه في المادة ٥٣٦ من القانون المدني بشأن تحديد سلطات المصفى طبقاً للقانون».
ويلزم قانون الشركات المصفى بتقديم حساب كل ستة أشهر إلى الجمعية العامة أو جماعة الشركاء عن أعمال التصفية (م ١٥١/١). وتضيف الفقرة الثانية من هذه المادة أن على المصفى أن يدلى بما يطلبه المساهمون أو الشركاء من معلومات أو بيانات بالقدر الذي لا يلحق الضرر بمصالح الشركة، ولا يترتب عليها تأخير أعمال التصفية. كما يلزم المشرع المصفى أن يقدم إلى الجمعية العامة أو جماعة الشركاء حسابا ختاميا عن أعمال التصفية، وتنتهي أعمال التصفية بالتصديق على الحساب الختامي (م١٥٢/١).
هذا ويمثل المصفى الشركة أمام لقضاء وقبول الصلح والتحكيم خلال فترة التصفية ونص صراحة على ذلك قانون الشركات في المادة (١٥٤/٣) منه.
أجر المصفى عند تصفية الشركة
يجوز للمصفى عند تصفية الشركة أن يتقاضى أجرا عن عمله، وإذا لم يقدر الأجر في أمر تعيينه تولت المحكمة تقديره مراعية تلك الأعمال التي قام بها ومدى جهده في تنفيذ أحكام التصفية ومدة التصفية، ولا محل لتطبيق حكم المادة (۷۰۹) مدني التي تقضى بأن الوكالة تبرعيه ما لم يتفق على غير ذلك حيث لسنا بصدد وكالة مدنية بل وكالة تجارية الأصل فيها أنها مأجورة.
وقد استدرك ذلك قانون الشركات المشار إليه فنص صراحة في المادة (١٤٩) منه على أن تحدد أتعاب المصفى في وثيقة تعيينه والا حددتها المحكمة. كما أشارت إلى ذلك أيضا المادة (١٣٩/٢) من ذات القانون ويطبق حكم هذه المواد على جميع الشركات التجارية سواء الخاضعة لقانون الشركات ١٥٩ لسنة ۱۹۸۱ أو
شركات الأشخاص ذلك أن أحكام هذا القانون تعد الشريعة العامة للشركات التجارية وتفضل على الأحكام الواردة بالقانون المدني والخاصة بالشركات المدنية كما سبق القول.
مسئولية المصفى عند تصفية الشركة
تطبق في شأن مسئولية المصفى عند تصفية الشركة قواعد المسئولية العامة. ويترتب على ذلك أن قيامه بعمل من الأعمال التي تخرج عن اختصاصه لا يلزم الشركة وانما يسأل عنه شخصيا أمام الغير. كما يسأل عما يتسبب فيه من أضرار في مواجهة الشركة والشركاء أو الغير، وباختصار فإنه يعد في حكم
المدير في هذا الخصوص وتتحدد مسئوليته على هذا الأساس. وقد نظم قانون الشركات بالنسبة للشركات الخاضعة لنطاقه، مسئولية المصفى قبل الشركة والغير، فقرر في المادة (١٤٤) مسئوليته في جميع أمواله وبالتضامن مع باقي المصفين عند تعددهم في حالة قيامه بأعمال جديدة لا تقتضيها
التصفية وهذا النص يؤكد القواعد العامة في المسئولية حيث بعد مخطنا إذا ما قام بتصرفات تخرج عن حكمه ومقررات التصفية. كما تقرر المادة (١٤٧) من قانون الشركات بأن تلتزم الشركة بكل تصرف يجريه المصفى باسمها إذا كان مما تقتضيه أعمال التصفية ولو جاوز القيود الواردة على سلطة المصفى أو
استعمال المصفى توقيع الشركة لحسابه الخاص إلا إذا كان من تعاقد مع المصفى سئ النية. وهذا النص يحمى في الواقع مصالح الغير أكثر من مصالح الشركة ذاتها خلال فترة التصفية، ذلك أن الغير
حسن النية يعلم حدود سلطات المصفى من واقعة الشهر بالسجل التجاري أو أنه من المفروض عليه أن يعرفها، ورغم ذلك فإننا لا نرى هذا النص معيبا ذلك أن ما يشترط فى الواقع لإقرار تصرفات المصفى واعتبارها ملزمة للشركة هو أنها مما تقتضيه أعمال التصفية بالإضافة إلى حسن نية الغير.
وتلزم الشركة تحت التصفية بكل دين ينشأ عن أعمال التصفية. وتقرر المادة (١٤٧/٢) من قانون الشركات المشار إليه أن كل دين ينشأ عن أعمال التصفية يدفع من أموال الشركة بالأولوية على الديون الأخرى.
ويسأل المصفى قبل الشركة إذا أساء تدبير شئونها خلال فترة التصفية، أو قام ببيع موجوداتها جملة
بغير إذن الجمعية العامة أو جماعة الشركاء حسب الحال، كما يسأل المصفى عن تعويض الأضرار التي تلحق الشركة أو الغير أو الشركاء بسبب أخطائه (م١٥٤). وقد حكم بمسئولية المصفى الذي لم يوف بدين
لأحد موظفي الشركة تحت التصفية رغم كونه دينا حالا وملزما للشركة، مما تترتب عليه عدم استحقاقه لدينه في الوقت المناسب كما قضت محكمة النقض بأن المصفى يعتبر وكيلا عن الشركة ويسأل بالنسبة للدائنين عن كل خطأ يرتكبه سواء كان يسيرا أم جسيما طالما قد ألحق ضررا بهم.
تقادم الدعاوى ضد المصفى
أضاف المشرع إلى قانون الشركات المادة (١٥٤) مكرراً بالمادة الثالثة من مواد القانون رقم (٤) لسنة ۲۰۱٨ حيث جاء بالفقرة الثانية من المادة ١٥٤ المضافة أنه : ٢ – ولا تقبل الدعاوى التي تقام على المصفى لارتكابه
خطأ في أعمال التصفية بعد مضى ثلاث سنوات من تاريخ ارتكابه أو من تاريخ العلم به مالم يكن هذا الخطأ صادرا عن غش أو تدليس فلا يسقط الحق في رفع الدعوى إلا بعد مضى خمسة عشر عاما من تاريخ انتهاء أعمال التصفية.
وخيراً فعل المشرع بهذه الإضافة، حيث يجب وضع حد لدعاوى الشركاء أو الغير على المصفى وذلك يتناسب مع سرعة غلق كل ما يتعلق بالتصفية خاصة مسئولية المصفى عن أعمال التصفية. ولم يفرق النص المضاف بين تقادم دعاوى الشركاء قبل المصفى أو دعاوى الغير، وجعل مدة التقادم عن جميع هذه
الدعاوى المتعلقة التصفية تتقادم بثلاث سنوات. وطبقا لنص الفقرة الثانية من المادة (١٥٤) سالفة الذكر تبدأ مدة الثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب الخطأ في إجراء أعمال تصفية الشركة أو من تاريخ العلم به.
وأضاف النص المشار إليه أن مدة الثلاث سنوات المشار إليها تصح خمسة عشر عاما إذا ارتكب المصفى غشا أو خطأ جسيما في أعمال التصفية. ومفاد ذلك أن المشرع اعتبر الغش أو التدليس أو الخطأ الجسيم الصادر من المصفى يرتفع في المسئولية لصالح المضرور سواء كان من الشركاء أو الغير بحيث لا تتقادم دعوى المسئولية إلا وفقا للقواعد العامة في هذه الحالات إلى خمسة عشر عاماً.
عزل المصفى عند تصفية الشركة
إذا صدر من المصفى عند تصفية الشركة ما يقتضى عزله، كان للجهة التي عينته حق عزله، مع ملاحظة أنه يجوز دائما الالتجاء إلى القضاء بطلب عزل المصفى إذا وجد مبرر شرعي لذلك . ومن جانب آخر للمصفى أن يرجع على الشركاء بما يكون قد أوفى به نيابة عنهم أثناء فترة التصفية. وتقرر المادة (١٤١) من قانون
الشركات بخصوص شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة وشركة الشخص الواحد، أن عزل المصفى يكون بالكيفية التي عين بها.
ويجوز للمحكمة بناء على طلب أحد المساهمين أو الشركاء ولأسباب مقبولة أن تقضى بعزل المصفى، وكل قرار أو حكم بعزل المصفى يجب أن يشتمل على تعيين من يحل محله. ويشهر عزل المصفى في السجل التجاري وفي صحيفة الشركات ولا يحتج به قبل الغير إلا من تاريخ الشهر في السجل التجاري. ويعد حكم هذه المادة من الأحكام العامة الجميع الشركات التجارية.
مدة تصفية الشركة
لم يشترط المشرع مدة معينة لإتمام أعمال التصفية، وإذا كان عقد الشركة متضمنا مدة محددة يجب على المصفى مراعاتها، إلا إذا كان هناك ما يدعو لإطالتها. وفي هذه الحالة يجب إتباع الإجراءات التي يتطلبها عقد الشركة لمد أجل التصفية إذا كان العقد متضمنا إياها وإلا وجب اتفاق الشركاء، وإذا تعذر اتفاق الشركاء فإن المحكمة هي التي تحدد المدة الإضافية اللازمة لأعمال التصفية.
أما إذا خلا العقد من مدة معينة لإجراء التصفية كانت المدة هي الأجل اللازم للانتهاء من أعمال التصفية وفقا لطبيعة أعمال الشركة محل التصفية.
وتعمد قانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ بشأن شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، وضع ضوابط محددة في شأن مدة التصفية، فنص في المادة (١٥٠) منه على أنه يجب على المصفى إنهاء التصفية في المدة المحددة لذلك في وثيقة تعيينه.
وذا لم تحدد هذه المدة جاز لكل شريك أو مساهم أن يرفع الأمر إلى المحكمة لتعيين المدة التي يجب أن تنتهي فيها التصفية. وتضيف الفقرة الثانية من النص المشار إليه أنه يجوز من المدة المعينة للتصفية
بقرار من الجمعية العامة أو جماعة الشركاء بعد الاطلاع على تقرير من المصفى، يذكر فيه الأسباب التي حالت دون إتمام التصفية في المدة المعينة لها. وإذا كانت مدة التصفية معينة من المحكمة فلا يجوز مدها إلا بإذن منها.
وتضمن تشريع الشركات الفرنسي نصا مقررا افترض فيه ألا تزيد أعمال التصفية عن ثلاث سنوات (م ٤٠٩/١) ويمكن تجديدها بالشروط التي تم تعيين المصفى بها). كما للقاضي تجديد مدة التصفية المتفق عليها في العقد إذا لم يتفق الشركاء فيما بينهم على مدة التجديد (م٩٤٠/٢). وبصدور م٨/١٨٤٤مدنى تضمنت
الفقرة الرابعة منها حكما يقضى بأنه لكل ذي مصلحة أن يطلب من القاضي المختص قفل التصفية وإنهاء أعمالها إذا لم تكن قد انتهت خلال الثلاث سنوات المحددة بقانون ١٩٦٦.
انتهاء أعمال التصفية عند تصفية الشركة والشهر عنها
وفقا للمادة (١٥٢) من القانون ١٥٩ لسنة ۱۹۸۱ يلزم المصفى بتقديم حساب ختامي عن أعمال التصفية إلى الجمعية العامة أو جماعة الشركاء. وتنتهي أعمال التصفية عند التصديق على الحساب الختامي وغنى عن البيان أن تعيين المصفى وسلطانه وعزله يجب التأشير به في السجل التجاري، وكذلك أي تعديل أو تغيير
في هذه البيانات حتى يمكن الاحتجاج به في مواجهة الغير وذلك خلال مدة شهر من تاريخ الواقعة التي تستلزم القيد تطبيقا للمادة السادسة من قانون السجل التجاري رقم ٣٤ لسنة ١٩٧٦.
كما يجب على المصفى شهر انتهاء التصفية في السجل التجاري وصحيفة الشركات حيث لا يحتج على الغير بانتهاء التصفية إلا من تاريخ شهره في السجل التجاري (م١٥٢/٢) كما على المصفى أن يطلب بعد انتهاء التصفية شطب قيد الشركة من السجل التجاري (م١٥٢/٢).
القسمة عند تصفية الشركة
بعد انتهاء عمليات التصفية وتحويل موجودات الشركة إلى مبالغ نقدية، تبدأ عملية القسمة بين الشركاء. ولا تبدأ عملية القسمة إلا إذا حصل دائنو الشركة على حقوقهم. إذ أن أموال الشركة لا تقسم بين الشركاء
إلا بعد استيفاء الدائنين لحقوقهم بعد استنزال المبالغ اللازمة لوفاء الديون التي لم يحل أجلها أو الديون المتنازع عليها، وبعد رد المصروفات أو القروض التي يكون أحد الشركاء قد باشرها في مصلحة الشركة (م ٥٣٦/١ مدني).
ولم ينظم قانون الشركات ١٥٩ لسنة ١٩٨١ أحكام القسمة على خلاف ما اتبعه في أحكام التصفية. ويبدو أن سبب ذلك هو استقرار الفقه والقضاء على أحكام القسمة ولذلك تنطبق الأحكام الواردة بالقانون المدنى والخاصة بالشركات المدنية ( م ٥٣٦، ٥٣٧) على جميع الشركات التجارية أيا كانت طبيعتها. وكنا نفضل أن يأتي قانون الشركات بتفصيل لأحكام القسمة.
بناء على ذلك فإن القسمة بين الشركاء تتم بالطريقة المبينة في عقد التأسيس أو في نظام الشركة فإذا لم يوجد نص في هذا الشأن اتبعت الأحكام المبينة في القانون المدني (المادة ٥٣٢) كما تتبع في قسمة أموال الشركة بين الشركاء القواعد المقررة في قسمة المال الشائع (المادة ٥٣٧)
ولما كان الشركاء دائنين للشركة بقيمة حصصهم، فإن لكل منهم مبلغ يعادل قيمة الحصة التي قدمها في رأس المال كما هي مبينة في العقد أو بما يعادل قيمة هذه الحصة وقت تسليمها إذا لم تبين قيمتها في العقد (م ٥٣٦).
ولا يجوز للشريك أن يسترد حصته في رأس المال قبل إجراء التصفية لأن هذه التصفية هي التي تحدد صافي مال الشركة الذي يجوز قسمته بين الشركاء وإذا كان الشريك قد قدم حصته عينية للشركة على
سبيل التمليك كعقار أو سيارة فإنه لا يستطيع المطالبة باستردادها بعينها ولكن بقيمتها فقط حتى ولو كانت لا تزال موجودة بالشركة. على أنه يجوز الاتفاق بين الشركاء على أنه في حالة التصفية يجوز لكل
شريك استرداد حصته بعينها إذا كانت موجودة، وفى هذه الحالة تقدر حصة الشريك العينية وقت القسمة ويلزم بالفرق بين قيمتها الدفترية وقيمتها الحقيقية يوم القسمة إذا زادت قيمة الحصة عن قيمتها وقت
إبرام العقد أو دخول الشريك في الشركة. أما إذا كانت الحصة مما يقل قيمتها بالاستعمال كالآلات والعدد فإن الشريك يستحق قيمة حصته الدفترية وقت العقد أو وقت انضمامه إلى الشركة وتلزم الشركة بسداد قيمة الفرق. أما الشريك الذي قدم حصته للشركة للانتفاع بحق عينى عليها فله أن يستردها بعينها قبل القسمة.
وإذا ارتفعت قيمة الحصة طوال مدة عمل الشركة، فإن القيمة الزائدة تدخل في الفائض من الموجودات بعد استيفاء الشركاء حصصهم وتقسم على جميع الشركاء كما سنرى.
وإذا كان الشريك بحصة عينية قدمها للانتفاع بحق شخصي فقط فإنه يستردها بعينها ولا يحصل الشريك مقابل تقديمه الحصة للانتفاع على أجرة للشيء المقدم، ذلك أن الأجرة هي التي تمثل قدر حصته في الشركة أثناء حياتها وإذا كانت طبيعة الشيء المقدم كحصة للانتفاع مما يهلك بالاستعمال
كالبضائع، فإنه يقدم كأنه ملكا للشركة وتملك عليه هذه الأخيرة حق التصرف ولكنها ترد قيمته عند نهاية الشركة وتصفيتها.
هذا ويلاحظ أن اعتبار مقر الشركة في حالة كونه مستأجرا باسم أحد الشركاء قبل عقد الشركة أحد أصول الشركة التي تخضع للتصفية والقسمة من الأمور التي تخضع لكامل تقدير قاضى الموضوع إذا لم يكن واضحا من شروط العقد ما إذا كان هذا المقر مقدما حصة في الشركة سواء على سبيل التمليك أو الانتفاع.
وأخيرا فإن الشريك بحصة عمل لا يكلف بعد التصفية بالقيام بما تعهد به من عمل فهو يسترد حصته بمعنى أنه يسترد حريته في أداء العمل.
فائض التصفية عند تصفية الشركة
إذا نتج عن أعمال القسمة فائض عند تصفية الشركة بعد سداد حصص الشركاء سمى بأرباح التصفية ويقسم فائض التصفية بحسب قيمة نصيب كل منهم في الأرباح هذا ويشترك الشريك بحصة عمل في فائض التصفية عند تصفية الشركة شأنه في ذلك شأن باقي الشركاء حيث يمثل هذا الفائض ربحا يحق
لجميع الشركاء الاشتراك فيه وفقا لنسب الربح المتفق عليها أو بنسبة حصة كل منهم تطبيقا للأحكام العامة الواردة بالقانون المدني كما سبق القول. ووفقا لتشريع الشركات الفرنسي (م ٤١٧) يوزع فائض التصفية عند تصفية الشركة عند عدم وجود اتفاق بنسبة الحصص وليس بنسبة اتفاق الأرباح وذلك على
خلاف نص المادة ١٨٤٤/٩ مدني والذي يقضى بتطبيق أحكام نسبة توزيع الربح دون حصص الشركاء. وراء هذا التعارض. فإنه بالنسبة للشركات التجارية يفضل تطبيق نص م ٤١٧ شركات دون النص المدني تطبيقا لقاعدة النص الخاص يلغى العام.
هذا ولا يجوز توزيع حصيلة التصفية عند تصفية الشركة أولا بأول، فانتائج التصفية عند تصفية الشركة عملية كلية يجرى توزيعه بعد الانتهاء من هذه العملية وتحديد الصافي.
وقضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة في هذا الخصوص بأن وجود الشركة في دور التصفية لا يحول دون تحقيقها الأرباح، إلا أن ذلك لا يعنى جواز توزيع شيء من تلك الأرباح أثناء فترة تصفية الشركة
فما يوزع على الشركاء هو ما تبقى من صافي أموال الشركة إلى تاريخ تصفية الشركة وهذا لا يتصور تحديده إلا بعد الانتهاء من عملية تصفية الشركة عندئذ فقط يمكن القول بأنه بقى شيء من أموال الشركة وأن هذا الباقي ربحا يوزع على الشركاء.
أما إذا حققت الشركة خسائر، بمعنى أنه بعد استيفاء الدائنين لحقوقهم لم يكف ما تبقى لسداد حصص الشركاء، فإن هذه الخسائر تقسم حسب الاتفاق في عقد الشركة أي بحسب النسب المتفق عليها في
توزيع الخسائر (٥٣٦/٣مدنى مصري) وإذا لم يوجد بعقد الشركة تحديد لتوزيع الخسائر، نرى تطبيق القواعد العامة في هذا الخصوص وهي تحمل كل شريك نسبة في الخسائر تعادل نسبة الربح المتفق عليها والا
تحمل نسبة تعادل حصته في رأس المال. ووفقا للقانون الفرنسي (م ٤١٧شركات) تطبق قاعدة نسبة الحصص عند عدم وجود اتفاق وليس النسبة المقررة للأرباح.
وتطبيقا لذلك فإنه إذا لم تكف موجودات الشركة بسداد حصص الشركاء وزع ما بقي على الشركاء بحصص مالية كل بالنسبة المتفق عليها في العقد أو وفقا للقواعد العامة دون الشريك بحصة عمل
حيث يسترد حريته ما لم يكن شريكا في ذات الوقت بحصة مالية فيستحق عن هذه الأخيرة نسبة فيما بقى من موجودات شأنه في ذلك شأن باقي الشركاء بحصص مالية.
أما إذا لم تفي الأصول بكامل ديون الشركة فإن جميع الشركاء بما فيهم الشريك بحصة عمل يتحملون في الخسائر في ذمتهم المالية في حالة شركات التضامن أو الشركاء المتضامنين في شركات التوصية.
وبذلك لا يعفى الشريك بحصة عمل من المساهمة في خسائر الشركة عند تصفية الشركة سواء كان يتقاضى أجرا عن عمله أثناء الشركة من عدمه ما لم يتفق صراحة في عقد الشركة على إعفائه من الخسائر في حالة عدم تقاضيه أي أجر عن عمله تطبيقا لحكم المادة (٥٢٥/٢ مدني)
وقد يحدث أن يتفق الشركاء فيما بينهم بعد إعلان تصفية الشركة على قواعد معينة، لتوزيع الربح أو الخسارة في موجودات الشركة. ويسمى هذا العقد باتفاق التصفية والقسمة ولا يعتبر هذا الاتفاق باطلا إذا تضمن شروطاً يترتب عليها حرمان أحد الشركاء من نصيبه في فائض الموجودات أو عدم تناسب
نصيبه في هذا الفائض مع الخسائر إلى غير ذلك من الشروط ذلك لأننا لسنا بصدد عقد شركة حتى تعد شروط أسد.
انتهاء تصفية الشركة وشهر انقضاء الشركة
يقصد بانقضاء تصفية الشركة انتهاء أعمال تصفية الشركة سواء بتسوية جميع الديون والحقوق التي على الشركة أو لها أو القيام بكافة أعمال القسمة بين الشركاء وتوزيع الفائض وتقديم الحسابات الختامية بنتيجة أعمال المصفى.
وعلى المصفى بعد انتهاء تصفية الشركة القيام بشهر هذا الانتهاء أي شهر قفل تصفية الشركة حتى يحتج به في مواجهة الغير. كما يلزم المصفى بعد انتهاء تصفية الشركة بتقديم طلب محو قيد الشركة بالسجل التجاري خلال شهر من تاريخ قفل اعمال التصفية وإلا كان لمكتب السجل التجاري أن يمحو القيد
من تلقاء نفسه بعد التحقق من السبب الموجب له تطبيقا للمادتين ۱۰ و ۱۱ من قانون السجل التجاري رقم ٣٤ لسنة ١٩٧٦. ويلزم قانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ۱۹۸۱ بشأن شركات المساهمة والتوصية بالأسهم وذات المسئولية المحدودة وشركة الشخص الواحد المصفى بشهر انقضاء تصفية الشركة
في السجل التجاري وفى صحيفة الشركات. كما نص صراحة على أنه لا يحتج على الغير بانتهاء تصفية الشركة إلا من تاريخ الشهر بالسجل التجاري (م١٥٢/٢) من القانون.
وبناء على ما سبق، متى تم انقضاء الشركة، سواء كانت من شركات الأشخاص أو الأموال يجب شهر هذا الانقضاء حتى يحتج به في مواجهة الغير وإلا كان الشركاء مسئولين عن أعمال الشركة. ووفقا للمادة (٥٨)
من المجموعة التجارية الصادرة في ١٣ نوفمبر ۱۸۸۳ – حيث لا تزال أحكام شركات الأشخاص سارية المفعول رغم إلغاء هذه المجموعة يجب شهر انقضاء الشركة إذا تم الانقضاء بناء على إرادة الشركاء
كاتفاقهم على حل الشركة قبل انقضاء مدتها، وخروج أحد الشركاء من الشركة أو انسحابه منها ، وكذلك الحكم بحل الشركة قضاء وقضت محكمة النقض بضرورة استيفاء إجراءات الشهر المنصوص عليها
بالمادة (٥٧) من المجموعة التجارية للاحتجاج بقرار الجمعية العامة غير العادية بحل شركة المساهمة في مواجهة الغير. ورتبت المحكمة على ذلك أن إعلان رئيس مجلس إدارة شركة المساهمة المنحلة بتعجيل الاستئناف قبل شهر القرار الصادر من الجمعية العمومية غير العادية بحلها صحيح لعدم حجية قرار الحل والتصفية في مواجهة الغير قبل إتمام إجراءات الشهر.
كما حكم بأنه إذا تخلفت شركة التضامن في شخص ممثلها عن إجراء شهر انقضائها قبل انتهاء مدتها المعينة في عقد تأسيسها لتضع حدا لمسئوليتها قبل الغير فإن ذلك يعد تقصيرا لا يفيدها في التخلص من التزاماتها نحوه، طالما كان توقيع مديرها أو من يمثلها على العقد قانونا.
ولم يشترط المشرع شهر انقضاء الشركة إذا نشأ عن عقد الشركة المشهر كانتهاء مدتها، ويسير قضاء النقض على ذلك ونرى ضرورة اتخاذ إجراءات الشهر حتى إذا كان انقضاء الشركة لسبب لا دخل لإدارة
الشركاء فيه كوفاة الشريك أو صدور قرار بالحجر عليه أو إفلاسه، ذلك أن شهر انقضاء الشركة يجب القيام به في كل حالة يترتب عليها عدم وجود شخصية الشركة حتى يحتج بذلك على الغير.
ويتم شهر انقضاء الشركة في الحالات الواجب فيها إجرائه بذات الطرق التي يشهر بها عقد إنشاء الشركة.
تقادم الدعوى بالنسبة لشركات الأشخاص
إذا تمت أعمال تصفية الشركة وأشهر ذلك بالسجل التجاري، تنتهي شخصية الشركة المعنوية، ولا يكون لدائني الشركة كقاعدة عامة الرجوع على الشركاء بما لم يتقاضوه أثناء فترة تصفية الشركة.
وتتميز شركات الأشخاص بإمكان رجوع الدائنين على الشركاء حتى بعد قفل تصفية الشركة نظرا للمسئولية المطلقة للدائنين المتضامنين عن ديون الشركة. وحرصا من المشرع على حماية مصالح
الشركاء والتخفيف عن كاهلهم بهذه المسئولية المطلقة عن ديون الشركة نص على تقادم قصير بالمادة (٦٥) من المجموعة التجارية الملغاة – والتي لا يزال حكمها قائما كما سبق القول في شأن شركات
الأشخاص، طبقا لحكم المادة الأولى من مواد إصدار قانون التجارة رقم ١٧ لسنة ۱۹۹۹ – حيث تنص تلك المادة (٦٥) على أن كل ما نشأ عن أعمال الشركة من الدعاوى على الشركاء الغير مأمورين بـ تصفية الشركة أو على القائمين مقامهم يسقط الحق في إقامته بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء مدة
الشركة إذا كانت المشارطة المبين فيها مدتها أعلنت بالكيفية المقررة قانونا أو من تاريخ إعلان الاتفاق المتضمن فسخ الشركة».
ومقتضى ذلك أن يظل الشركاء مسئولين في شركات الأشخاص عن ديون الشركة في مواجهة الغير مدة خمس سنوات تالية لتاريخ انقضاء الشركة أو انحلالها لأي سبب كان، وتبدأ مدة الخمس سنوات من يوم اتخاذ إجراءات الشهر والعلانية التي يتطلبها المشرع لواقعة انقضاء الشركة.
وتطبيقا لذلك تبدأ مدة الخمس سنوات بالنسبة للشركة التي تنقضي بانتهاء المدة المحددة لها بالعقد من تاريخ انتهاء هذه المدة طالما كان عقد الشركة مشهرا. وإذا كان الانقضاء نتيجة هلاك مال الشركة أو نتيجة وفاة أحد الشركاء أو إفلاسه أو الحجر عليه أو صدور حكم من القضاء بحل الشركة فإن مدة التقادم تبدأ من تاريخ اتخاذ الإجراءات التي يتطلبها القانون للشهر والعلانية.
وبالنسبة للشركات تحت التصفية، تبدأ مدة التقادم من يوم إغلاق تصفية الشركة ، وإعلان ذلك بالسجل التجاري، بواسطة المصفى حتى يعلم الغير بإتمام إغلاق التصفية. كما تتقادم بخمس سنوات دعاوى
دائني الشركة ضد الشريك الذي انقضت الشركة بالنسبة له فقط. كما هو الحال عند خروج أحد الشركاء بناء على موافقة بقية الشركاء، وتحسب مدة التقادم ابتداء من خروج هذا الشريك واعلان ذلك بالطرق التي يتطلبها القانون.
هذا ويلاحظ أن التقادم الخمسي المشار إليه لا ينطبق على شركات المحاصة، ذلك أن هذه الشركة كما سنرى شركة مستترة، يتم تكوينها في الخفاء، ولا تتمتع بالشخصية المعنوية، ولا يعرف تاريخ لانقضائها أو حلها وانما يعتبر كل من يتعامل مع أحد الشركاء منها كأنه يتعامل مع تاجر فرد.
وبالتالي تخضع دعاوى الغير ضد أي شريك في شركة المحاصة للقواعد العامة في التقادم وفقا لطبيعة التعامل. ويخضع التقادم الخمسي المشار إليه للقواعد العامة المتعلقة بالوقف والانقطاع.
الدعاوى التي تخضع للتقادم الخمسي
1- بالنسبة لشركات الأشخاص
أن الدعاوى التي تخضع للتقادم الخمسي وفقا للمادة (٦٥) المشار إليها هي الدعاوى التي ترفع من دائني الشركة على الشركاء أو على ورثة الشريك أو الزوج الباقي على قيد الحياة، رغم عدم النص على ذلك صراحة.
وبناء على النص المشار إليه، لا تخضع لهذا التقادم القصير الدعاوى التي نرفع من الشركاء بعضهم على البعض الآخر أو على ورثة أي منهم. كما لا تخضع للتقادم الخمسي الدعاوى التي يرفعها الشركاء أنفسهم على الغير بمناسبة الشركة.
وتطبيقا لذلك حكم بأنه لا يجوز للشركاء المأمورين بالتصفية أو القائمين مقامهم التمسك قبل الدائن بنص المادة ٦٥ من قانون التجارة الذي يقضى بسقوط الحق في المطالبة بمضي خمس سنين من تاريخ
انتهاء الشركة كذلك لا يسرى التقادم الخمسي على دعاوى الشركة ضد الشركاء أو دعاوى دائن الشركة على الشركة نفسها كشخص معنوي. كذلك الدعاوى التي يرفعها أحد الشركاء على الشركة للمطالبة بحقه في الأرباح.
كما لا يسرى التقادم الخمسي على الدعاوى التي يرفعها الغير على الشريك المصفى بوصفه مصفيا. ذلك أن المشرع قصد من التقادم عدم الرجوع على الشركاء بعد هذه المدة بوصفهم شركاء. أما إذا كانت الدعاوى ترفع على المصفى نتيجة أعمال التصفية، وبسببها فإنها تخضع للتقادم العادي.
وثار الخلاف بالنسبة للدعاوى ضد المديرين سواء كانوا شركاء أم لا وهل تخضع هذه الدعاوى للتقادم القصير أم لا، ونرى أن هذه الدعاوى لا تخضع للتقادم المنصوص عليه بالمادة (٦٥) من المجموعة التجارية المشار إليها لانتفاء صفة الشريك في هذا الرجوع حيث يتم الرجوع على هؤلاء بوصفهم مديرين. وقد أخذ المشرع المصري (المادة ٦٥ من المجموعة التجارية) والمشرع الفرنسي
(المادة ٤٠١ من قانون الشركات الفرنسي) بذلك صراحة. فالدعاوى التي ترفع من الغير ضد المصفى سواء لمطالبته بدفع مبالغ أو لمساءلته عن أفعال قام بها أثناء مدة التصفية وبمناسبتها لا تخضع للتقادم الخمسي. ومن جانب آخر لا تخضع دعاوى المصفى ضد الشركة أو الشركاء للمطالبة بحقوقه قبلهم إلى التقادم الخمسي.
٢ – تقادم الدعاوى بالنسبة للشركات الخاضعة للقانون ١٥٩ لسنة١٩٨١
لم يكن يتضمن قانون الشركاء رقم ١٥٩ لسنة ١٩٨١ نصاً خاصاً في شأن تقادم دعاوى المساهمين أو الشركاء تجاه بعضهم البعض الأمر الذي كان يخضع لهذا التقادم بالنسبة للشركات الخاضعة لنطاقه الأحكام التقادم وفقا للقواعد العامة.
على أنه بصدور القانون رقم (٤) لسنة ٢٠١٨ بتعديل بعض أحكام قانون الشركات رقم ١٥٩ لسنة ۱۹۸۱ أضاف المشرع المادة ١٥٤ مكرراً لتحديد مدة تقادم للدعاوى التي تقام بين المساهمين أو الشركاء بعضهم البعض أو التي يقيمها الغير ضدهم حيث جاء بالفقرة الأولى من المادة (١٥٤) مكرراً المضافة بالقانون رقم
(٤) لسنة ٢٠١٨ أنه : لا تقبل الدعاوى التي يقيمها المساهمون أو الشركاء تجاه بعضهم البعض بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء أعمال التصفية، ولا تقبل الدعاوى التي يقيمها الغير على المساهمين أو الشركاء بعد مضى ذات المدة من تاريخ شهر انتهاء تصفية الشركة في السجل التجاري.
ومفاد هذا النص المضاف وضع حد لتقادم دعاوى الشركاء أو المساهمين بعضهم البعض وكذلك
دعاوى الغير ضدهم، على أننا نرى أن مدة الخمس سنوات طويلة إلى حد ما، وكان الأفضل مساواة تقادم هذه الدعاوى بثلاث سنوات كما هو الشأن بالنسبة لتقادم الدعاوى ضد المصفى والمتعلقة بأعمال التصفية والتي حددها المشرع بالفقرة الثانية من ذات المادة المضافة. وتبدأ مدة الخمس سنوات المشار إليها من تاريخ شهر انتهاء التصفية في السجل التجاري.
في ختام هذا المقال، نستطيع أن نؤكد أن عملية تصفية الشركة هي خطوة حاسمة تتطلب دراسة شاملة وتخطيط دقيق لضمان تحقيق أقصى استفادة من الأصول وحماية حقوق المساهمين والدائنين. سواء كانت تصفية الشركة إجبارية بسبب الديون أو اختيارية بقرار الشركاء، فإنها تتطلب التزامًا بالإجراءات القانونية وتعاونًا مع محامٍ متخصص لضمان نجاح العملية.
عند اتخاذ قرار تصفية الشركة، من الضروري مراعاة جميع الجوانب المالية والقانونية لتجنب أي تعقيدات قد تنشأ أثناء التنفيذ. تقدم استشارة محامٍ ذو خبرة في تصفية الشركة ميزة إضافية تساعدك على تحقيق أفضل النتائج. لذلك، إذا كنت تواجه قرارًا متعلقًا بـ تصفية الشركة، فلا تتردد في طلب المساعدة المهنية لضمان أن عملية تصفية الشركة تتم بسلاسة ووفقًا للإجراءات القانونية.
إن أهمية التوجيه الصحيح خلال تصفية الشركة لا يمكن التغاضي عنها، فالتعامل مع التعقيدات القانونية والإدارية يتطلب معرفة دقيقة. لذلك، فإن اتخاذ الخطوات الصحيحة في كل مرحلة من مراحل تصفية الشركة يمكن أن يحمي مصالح الجميع ويساهم في تسهيل إنهاء الأعمال بأقل خسائر ممكنة.
في النهاية، تظل تصفية الشركة قرارًا مهمًا يتطلب التزامًا ووعيًا كاملاً بجميع الجوانب المتعلقة بالعملية. إذا كنت تفكر في بدء إجراءات تصفية الشركة، فننصحك بالتواصل مع الخبراء القانونيين للحصول على استشارة مهنية شاملة تلبي احتياجاتك وتساعدك على تحقيق أفضل النتائج في عملية تصفية الشركة.
لا يمكن تجاهل أن تصفية الشركة تمثل نقطة تحول حاسمة في دورة حياة أي كيان تجاري. ومن خلال اتباع الخطوات الصحيحة في تصفية الشركة، يمكن تحويل هذا القرار الصعب إلى فرصة لإعادة تنظيم الموارد المالية واستعادة التوازن المالي. كما أن وجود خطة واضحة أثناء تصفية الشركة يسهم بشكل كبير في تجنب النزاعات مع الأطراف ذات العلاقة مثل الدائنين والشركاء.